السعودية ودرء المخاطر النفطية
الأحد, 24 يناير 2010
د. صالح بكر الطيار
كشفت دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي عن أن من المخاطر الرئيسية في المجال الاقتصادي لعام 2010 هي انخفاض الاستثمارات في مجال الطاقة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الاستثمارات بأعمال التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما بنسبة 21% عام 2009.وتعتبر هذه الدراسات ان انخفاض الاستثمار سيؤدي بالضرورة الى انخفاض الإنتاج، بحيث لن تتمكن الدول النفطية الأساسية من تلبية احتياجات السوق العالمية المتزايدة. ولذا فإن الاستثمار في مجال الطاقة سيكفل زيادة الإنتاج وأيضًا توازنًا في الأسعار؛ لأن العرض قد يزيد أو قد يتساوى مع الطلب.وبدوره حذر وزير النفط السعودي على النعيمي من أن العالم سيواجه في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات ارتفاعًا آخر في أسعار النفط مماثلة لتلك التي شهدها العام الماضي، ما لم تحدث استثمارات بمشاريع جديدة لزيادة الطاقة الإنتاجية بالعالم.وبما أن السعودية باتت من الدول الأولى التي تساهم بفعالية في رسم المستقبل الاقتصادي العالمي لأنها وبحكم موقعها كمصدّر أول لإنتاج النفط معنية ليس فقط بتأمين احتياجات السوق، بل أيضًا بحركة الأسعار وما لها من انعكاسات سلبية أو اقتصادية على النمو العالمي.ومن هذا المنطلق نلاحظ أن هناك خططًا إستراتيجية نفطية موضوعة من قبل المعنيين في السعودية تأخذ بعين الاعتبار التحديات المقبلة، وتهيئ كل متطلبات المواجهة سواء انضمت اليها قوى أخرى أو أخذت على عاتقها وحدها هذه المهمة. ولذلك لم تنتظر الرياض المنتدى الاقتصادي العالمي لينبهها الى مخاطر ضعف الاستثمارت في المجال النفطي، بل بادرت منذ العام 2008 الى رصد نحو 300 مليار ريال (80 مليار دولار)، في قطاع النفط، من أجل توسيع طاقتها الإنتاجية بواقع 37 في المئة، إلى 12.5 مليون برميل يوميًّا، وطاقتها التكريرية إلى 43 في المائة، (نحو 6 ملايين برميل يوميًّا)، فيما تبلغ قيمة الاستثمارات التي خُطط لها في دول مجلس التعاون الخليجي في القطاع النفطي 637.5 مليار ريال سعودي أي (170 مليار دولار).ومن شأن هذه التوسعة من خلال حجم الرأسمال المرصود أن تضمن تزويد السوق باحتياجاته، وأن تكون القادرة على التحكم بمسار حركة الأسعار، وأن تكون الرائدة في مجال التطوير والتحديث.وهنا يمكن لنا إدراك أهمية الموقع الاقتصادي العالمي الذي باتت تحتله السعودية ومدى قدرتها على استشراف المستقبل التي هي جزء أساسي في تكوينه وتحقيقه .
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي