عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: ذكرى الجواهري الخميس 19 نوفمبر - 17:38
انه من السعادة بمكان أن تلتئم هذه الثلة الجادة لتتحاور ثم لتبدع ولتنقذ إبداعها بكل جدية وطموح نحو التغيير وثمة أمر خطير في مثل هذا اللقاء، أمر خطير يحمله العنوان المعنون.. الجواهري.. والشعر.. أو لنعيد بناء الصيغة فتكون الشعر... والجواهري لا فرق فالشعر ما عاد كما أراده (ابن قدامة) تعبيراً مخيلاً موزونا، والشعر ما عاد أبيات متناثرة تنطلق من ذلك الخباء أو تلك الخيمة عشقاً وشوقاً حد الموت.الشعر ما عاد كما أريد أن يكون مديحاً مبحوحاً وغزلا مبتذلا ووصفا بسيطا ورثاء مكفنا اصفر وهجاء جبان مملا.لم يعد بيت القصيد بت القصيدولم تعد القبيلة تحتفل بشاعرها وهو ينشد أولى أبياته، ولم يعد الرواة يحفظون وينشدون ويحرفون أيضا.من الذي أعطى للشعر مهمة جديدة الشعر أم السلطة؟ ومن الذي نهض حاملاً صليب الشعر للتصلب عليه أو ليحطمه؟ من ذلك المشاغب الذي يرمقه رجال السلطة بحذر وترقب؟ ومن ذلك المجنون الذي يساوي بين حبر دواته ودم شرايينه اللاهب؟ومن ذلك المجهول الذي أعطى للشاعر سلطة النقد والتأشير على الأشياء.. من ذلك الغامض الذي وهب الشعر الوضوح كله؟انه يرى في الظلام و يغوص في الصخر ويمشي على الماء ويكتب على الرماد ويولد بعد الموت ويبدأ بالحياة عندما يبدأ بالكتابة.هذه حدود الشاعر أما حدود الشعر.. عفوا الشعر لا حدود له. لأنه نبوءات متجددة لا تحتاج إلى ملك كريم وربما تحتاج إلى شيطان أو شيطانه ذكية متمردة كي تحدد ملامحه وتخط خرائط نموه وتفوقه بعيداً عن الشد الايدولوجي أو الضبط القانوني الصارم فلمن ينتمي الشعر إذن؟ هل هو كائن لا منتم أصلا؟ادعي وبكل صراحة إن الشعر ينتمي إلى قضايا الإنسان وقضايا الشاعر في آن واحد، فلا هو موضوعي بحت ولا هو ذاتي مطلق، انه صيغة تبني كيانها بتجرد كامل، لتعود عملاً ذاتيا يعالج قضايا موضوعية تهم الإنسان، أي إنسان.فلست أدري هل يستطيع الشاعر إن يتغزل بفتاته غير مبال بسلاسل الآسر في معصمها؟أم يقدر الشاعر إن يتغنى بالورد دون إن تخطر بباله كف الفلاح المعروفة الخشنة؟وهل يتمكن الشاعر من أن يمدح الملك وهو يلمح السياف بين يديه؟أوكد إن جدلية خفية تحكم طرفي المعادلة، الشعر و الإنسان.. جدلية رهيبة جعلتكم أيها الشعراء تألفون السجون والمنافي والعزلة.كل ذلك على مقربة من شفرة الجلاد.هذه إذا ما أضيفت لها ثنائية الثقافي والسياسي، تلك الثنائية البشعة التي نقلت الأزمة إلى فضاء أوسع من التناقض المألوف.فالسياسي المتخلف يرى ديمومة وجوده بإطفاء تأثير الثقافي، فيما يرى الثقافي الواهم إن إبداعه يكمن في امتهان السياسي، وكم يتمنى الفرد العربي أن يرى سياسي يتبنى مناهج ثقافية، أو يرى المثقفين يشغلون مربعات مهمة في الواقع السياسي.أما الجواهري فلا أراني مبالغاً إذا قلت إننا حتى الآن لم نقرأ مقاساته الفنية و الإبداعية، نعم أخفقنا، إلا إن ذلك لم يخف شعورنا اللذيذ بالفشل، فمثلنا معه مثل الذي لا يمكنه الوصول إلى قمة الجبل، لكن ذلك يم يمنعه متعة التسلق ولا دهشة المغامرة الأولى ولا التطلع إلى محاولات جدية وجريئة.ولازلت معتقداً إننا أمام هذا الرجل المتعب بحاجة ماسة إلى الكثير من التأمل والقليل من الكتابة، لأننا إمام كينونة فريدة لم تخضع لسطوة تجربة بعينها ولا ظرف محدد الملامح ولا زمن واضح الإبعاد.ومن المؤكد إن حديثنا عن هذا العملاق الأدبي لم يتوقف أو ينته، إلا إننا سنتوقف طبعاً كما تتوقف شهرزاد عن الكلام المباح، ولو إن الدقائق المحددة لهذا الموضوع في هذه الجمهرة الضخمة من الشعراء و الأدباء والفنانين والنقاد تتسع قليلاً لبسطت المقالة في ما ينبغي إن يسجله السياسيون في ذكرى الثقافة و الأدب ذكرى الجواهري والشعر.فالجواهري موضوعة أدبية ثقافية حية جديرة بالنقاش والمتابعة والاستكشاف، فضلا عن كونه خطى مهمة في سلم النهوض العراقي والعربي. أما انتم يا حملة الفكرة واليراع والحضارة فانتم الصلة التاريخية بين التأثير والتأثر، بين التفوق والاستسلام بين الماضي والحضر وبين السائد والإبداع. وانتم من يتحمل مسؤولية التعبير في صراع الصور والدلالات والرؤى و الأفكار، ولعلني وانتم لا نؤمن بنظريات (أوين الدرج) بان تطور الإبداع يؤسس لنهاية الأدب، لأننا نؤمن إن الإنسان كائن شاعر مثلما هو كائن حي و أكاد اجزم انه لا وجود لإنسان لم يجرب محاولة الشعر ولو لمرة واحدة في حياته لأنه إنسان.إن عليكم من خلال نظريات النقد والمثاقفة تأسيس حاضر أدبي جديد يتناسب والوضع الجديد الذي يعيشه العراق، ولا ادعوكم إلى الحذر من التناقضات أو المقاربات.. إنما ادعوكم إلى الانتماء إلى جمهوركم الذي قد يرى فيكم مجتمعاً فلسفيا نخبويا صغيرا لكنه يمثله من دون استفتاء ويهرع إليه من دون تحفظ لأنه يدرك مهمة الأدب ويؤكد قيمومته على كل مساحات الإدراك و أؤشر هنا إلى سببية متبادلة بين الأدب والمجتمع، فالأديب يدرج جيداً مناخات الإبداع و أجوائه بنزعته التوقعية وحساسيته المفرطه تجاه الحياة ويكون الإنسان، فيصبح المجتمع تبعا لذلك مادة أولية لنشاطه الإبداعي، فيما يفتح الآخر ذراعيه أقصى ما يستطيع ليسمع ويناقش ويتلذذ ثم ليتبنى الإبداع ليس شكلاً فقط بكل شكلاً ومضموناً.أنها علاقة خلق وسببيه إيجاد، فالقصيدة ليست ردة فعلا لازمة محددة، إنما هي فعل يكشف ملامح الأزمة ويرفع مستوى الوعي لمواجهتها.أما دور المجتمع في حماية الأديب والمثقف فهو دور حماية الذات ورعاية الانجازات وهنا اخرج عن إطار هذه الورقة لأتحدث كمسؤول في الدولة، ما الذي يمنع مؤسساتنا من أن تصوغ قوانين تحفظ حقوق الأدباء والشعراء بمنحهم الطمأنينة وتوفر لهم ظروف الإبداع حال تقدم السن بهم؟ لماذا على الشاعر أن يكون معلماً أو طبيباً أو صحفياً أو مزراعاً أو غير ذلك؟ ألم يحن الوقت بعد لنعرف جميعاً قيمة الإبداع ودوره الريادي في الحياة، إنني أتمنى من الجمعية الوطنية بان تسارع في إعداد مسودة قانون عراقي يمنح الأدباء حقوقاً تقاعدية أسوة بالدول المتحضرة التي تحترم الأدب والفن والثقافة كما أطالب أمانة العاصمة بإطلاق اسم الجواهري على إحدى ساحات بغداد المهمة ونصب تمثال برونزي تخليداً لذكرى هذا الشاعر العربي الكبير.وفي الختام أؤكد دعمي شخصياً ودعم مجلس الوزراء للحركة الثقافية و الأدبية في العراق الجديد من اجل بناء الإنسان و إرساء دعائم مجتمع أخلاقي متطور. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته