عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: المرأة الخميس 19 نوفمبر - 4:16
المقدمة كثيرا ما يُتهمُ الشرق : بأنه سجنٌ فسيح ، تعيش فيه المرأة وبأنه المكان الذي يُحجبُ فيه الضوء عنها . وهي بذلك تزاول وجودها خلف الأبواب المغلقة نشأة ، وتطورا ، ومصيرا... هذا الرأي ، أو وجهة النظر البعيدة عن جادة الصواب سَرَت كنارٍ في هَشيم ؛ من خلال الألسن التي تتناقلها ، أو الأحاديث لشخصيات شرقية ، وغربية وبعض شتات المؤلفين هنا ، وهناك من أولئك الذين ليس لهم القدرة على تحييد الواقع والاشتغال في منطقة موضوعية تنأى بهم عن الوقوع في شرك التطرف في إطلاق الأحكام. لذلك من السليم في البدء ، أن نرصد واقع المرأة في العالم باعتبارنا جزءا من حركته التي لا تعرف التوقف ؛ حتى لا نكون مثل الذين أغلقوا على أنفسهم الزمن ، وساروا إلى الأمام وعلى عيونهم عصبة الماضي ؛ لأن ذلك يعطينا الحق بأن نحكم باطمئنان أن " المرأة " في طفولةِ كل شعوب العالم ، ولاتزال تعيش حالات من الاضطهاد ، وينظر إليها " كشيء" بانتظار الاستعمال فهي السلعة المُشتهاة ، والذمة المُشتراة ليس في الشرق حسب بل في العالم ، وإلى جانب هذه الصورة ، توجد في المقابل صورة المرأة الحاكمة ، وزعيمة الحزب ، وحاضنة الجيل .. وهذه الإنجازات الأخيرة لم تتحقق للمرأة إلا ّ بعد أن أنفقت جهدا كبيرا ، وقاست مخاضات عسيرة ، وتحولات جوهرية ، في بِنيةِ المجتمعات عموما ؛ فانتقلت بذلك من موقع " المُستبعَد الاجتماعي " إلى القائد الاجتماعي " وهي من هذا الموقع الأخير تسعى - ونحن معها - إلى بناء الإنسان وإعادة اللون الأخضر إلى جَديبِ الحياة. وفي العراق ، تحديدا ، كان ، ولازال للمرأة دور حيوي بارز يشار إليه بأصابع الاهتمام ؛ نظرا لتأثيرها الواضح وبصماتها المعروفة في العراق ، خصوصا على مستوى نضالها ضد الدكتاتوريات التي حكمت العراق بقبضة رجولية ، وخطاب يتنفس فحولته من رئة الصحراء ، وصخب السيوف. وفيما يلي من حديث نسلط الضوء على واقع المرأة العام ، والمرأة العراقية بشكل خاص بنت الحاضر ووليدة التغيرات المرحلية التي أوصلتها إلى عِلْيةِ القوم ومراكز القرار.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آل بيتهِ الطيبين الطاهرين، وصَحبهِ المنتجبين، وجميع عباد الله الصالحين. السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته قال الله ( تبارك وتعالى) في مُحكَمِ كتابهِ العزيز بسم الله الرحمن الرحيم ((ومـِن آياتهِ أن خـَلقَ لكم من أنفـُسِكـُم أزواجاً لتـَسكـُنوا اليها وجَعَل َ بينكم مودة ً ورحمة))(سورة الروم/21). (وَدَع ْ كـُلَّ قول ٍ غيرَ قولي لأنني.......... أنا الطائرُ المَحكي ُّ والآخرُ الصَدى) نريد ُ للمرأة أن تكون َصوتا ً دون أن تبقى صدىً لصوتِ الآخرين. طموحي كبير جداً واستشرافي للمستقبل يكشفُ لي، ولا أظنُّ أنَّ هذا الاستشراف سيـُخيبُ ظني، مـِن أنَّ المرأة َ العراقيةَ ستحتلُّ قمة ً مـِن بين القـِمـَم تماماً مثلما احتـَلَّ العراقُ قمته ُ في التأريخ، والحضارة، والفـِكر، وفي كـُلِ مجال من المجالات. أنا أُدرِك ُ جيدا ً الرحلة َ الطويلة التي قطعتها المرأة، ليس في العراق حسبْ، بل في كـُل العالم من حيث ُ بدأت الى حيث ُ تواصل ُ سيرها اليوم. قصة ُ المرأة قصة ٌ طويلةٌ مملوءةُ بالعذابات، والمـِحـَن لا أستثني مجتمعاً من المجتمعات، ولانظاما من الانظمة ِ الاجتماعية، ولا بلدا من البـُلدان في تأريخهِ وحاضره، دونَ أن أحكـُم عليه بأنهُ ساهَم بشكل ٍ من الاشكال في مأساة ِ المرأة، وعزاؤنا أنَّ ما تـُعانيهِ المرأة في مثـل ِ بـُلداننا ليسَ ثقافة، وإنما رُكام من العادات والتقاليد. أما البـُلدان الأخرى، فقد كـَرّستْ أفكاراً ونظرياتٍ بائسة، لكي تـُنـَظـِّر الى دونية المرأة، فـ (كانت وشوبن هاور)، ونظريات الماركسية لـ (كارل ماركس) عندما نـَظـَّرَت ْ لأن تبقى المرأة ُ،ً بهذا الشكل الذي هي فيه، وليسَ كحالات التخَلـُّف التي مـُنينا بها. نحن إذن أمام جُهدَين: جُهد فـِكري وثقافي، يتولى عملية دَحر ثقافة العادات والتقاليد التي وَرِثـناها عن الآباء والاجداد، والتي لا تـَمـِتُّ الى فـِكرنا بـِصِلة، فلا يوجد في تأريخنا فـِكر ومـُفـَكـِّر،ونظرية ومـُنـَظـِّر، يـُعتـَدُّ بهِ وبها، حتى يسمح لنا أن نتعامل مع المرأة، على انها دون الرجُل، لكن النظريات التي ورثناها من الخارج حاولتْ أنْ توحي بأن المرأةَ من حيث التكوين دون الرجُل ،ولذلك هذه ليست قضية مـُستجـَدة، وإنما قضية موغِلة في القـِدَم. الذي يتـَتبـَع مسيرة المرأة منذ ُ أقدم ِ العصور الى اليوم، يـُقدِّر كم كانت رحلة المرأة رحلة ً شاقة، فقد غصّت مجتمعات الغرب عموماً، غصّت بظاهرة البطرياركية، والذكورية، واستفراغ المؤسسات من المرأة، والحـُكم على المرأة بأنها مخلوق ثان، هذه حقيقة الأمر. وليت هذه المجتمعات اليوم استيقظت من سُباتها العميق الذي سَدرت ْ فيه عـِبرَ أجيال ٍ طويلة توالتْ على مَرّ التأريخ، بل مثلما كانَ فعلـُها التأريخي ّ سيئاً كان ردُّ فعلِها الحاضر أسوأ، لأنها بشـَّرَتْ بثـقافة الإنوثة وثـقافة الإثارة، فبدل أن تـُرينا جمالاً جديدا، ليس جمال تناسُقِ أرنبة الأنف، ومقاسات الخدّ، ولون العين، وتصفيفةِ الشـَعر، إنما تـُرينا جمالاً جديدا يتـّسِق ُ فيه العقل الإنثوي بالإرادة الأنثوية، تماماً كما يتناسق ُ الفـِكر الذكوري والعقل الذكوري. أنا لا أعتقد أنَّ هناكَ فرقاً بين الذكرِ والأنثى عندما يـُفكـِّران، لذلك نسَف َ الإسلام كل هذه النظريات التي حاولتْ أنْ توحي بأن َّ المرأة مخلوق ٌ ثان: ((ومِن آياتهِ أنْ خلَقَ لكم مِن أنفـُسِكـُم أزواجاً)) اي ليس من نفس ٍ أخرى، لا توجدُ نفس ذكورية من حيثُ المنشأ ونفس أنثوية تتميز الاولى على الثانية، لذلك نـَظـَّرَ المُنـَظـِّرون (الماركسيون) على سبيل المثال، عنما فسّروا بأن َّ الأُسرة ظاهرة ٌ برجوازية لا مُبرِّرَ لها، لأن العامل المُحرّك للتأريخ كما جاء في النظرية الماركسية التي فسّرت التأريخ، وإنَّ الثالوث الديالكتيكي الذي يتولى عملية نقل المجتمع، من المجتمع الشيوعي الأول الى المجتمع الشيوعي الثاني، إنَّ السرَّ في ذلك هو قوة الإنتاج، ولأنَّ المرأة أضعف من حيث البَدَن من الرجُل، فهي تحاول أنْ تـُعالج خللـَها، وضَعفها البدني، فتنضوي تحت لواء الرجـُل، ومادامت ْ اليوم القوة في العقل ِ فلا معنى أن ْ تبقى المرأة ُ ترضخ تحتَ سيطرة الرجـُل. وإذا كان بعض من نظروا، منهم مـَنْ قاربَ فلسفة التشاؤم، والآخرمَنْ غـَلـَّبَ نظرية العاطفة على نظرية العقل، ليـُفسروا هذا البون الشاسع الذي ورثناه بين واقع المرأة والرجُل، حتى يجعلوا المرأة تبقى كما هيَ. نحن نعتقد أنَّ للمرأة ِ عقلا يـُفكـّر، وانَّ لها إرادة ً تتحرك، ولذلك رَغم َكل الرُكامات التي حاولتْ أنْ تطمس شخصية المرأة، استطاعتْ عِبرَ التأريخ وفي مختلف الأمم أنها ولو بمستوى ضيـّق،ان تتسلـّم موقعاً لإثباتِ الهوية على أقلِّ تقدير، لإثبات النوع النسوي، مِن إنها تفكـِّر كما يُفكـِّر الرجُل، وإنها إنسانة وإنَّ ما أعطاها الله (تبارك وتعالى)، مِن طاقاتٍ خلاّقة إدَّخرَتها لا يستطيع الإنسان أنْ يستغني عنها. لذلك نحن ُ بحاجة الى طرح معرفية جديدة، كيف نفهم المرأة؟ وكيف نفهم جمالية المرأة؟ جمالية المرأة، تماما ً كما هي جمالية الرجُل مع بعض الفروق، يجب أنْ نبدأ نستمرئ، ونستذوق عقل المرأة، وسلوك المرأة، وقابليات المرأة في كل مجال ٍ من َ المجالات، تماماً كما نسأل أنفسَنا عندما تجذبُنا نوعية خاصة من الشخصيات، لا لشئ يرتبط بجغرافية البَدن! وإنما لشئ يرتبط بالمحتوى المعنوي، والعقلي، والإرادة، والسلوك. إنَّ جعلَ المرأة رهينة الجمال وجغرافية الجسم، معنى ذلك، إننا اجتزأنا حياة المرأة فقط في ربيع عمرِها المـُمتـَد من مرحلة ِ الشباب الى مرحلة ماقبل َ الكهولة ِ والشيخوخة، بعد ذلك فأن الزمن كفيل بأن يسلبُ المرأةَ جمالَها. من هنا تهاوتْ الاُسرة في مجتمعات الخارج و لم تتهاو في مجتمعاتِنا على الاغلب، لماذا؟ لأن الأساس الذي قامتْ عليهِ المرأة في تلك المجتمعات هو أساس الجمال المادي، والجمال المادي يؤول الى الزوالِ والضعف، طبعاً إنَّ المرأة َ بنت الخمسين تختلفُ عن المرأةِ بنت العشرين، بذلك يبدأ صَرحُ العَلاقة الزوجية بالأنهيار مع مرور الزمن، لأن العلاقة قامتْ على أساس الجمال المادي. بينما نجد أن َّ العلاقة الزوجية عندما تقوم على أساس الجمال المعنوي، تصبح فـِكرا، يوفر للطرفين عـُمقاً بالتعامل، عُمقاً واعياً يـُشعـِر أحدُهما أنَّ الثاني رغم تقادُم الزمن بدأ يَعي أكثر مما كان سابقا،ً فمهما تقدَّم الزمن تجذ َّرتْ وتـَعـَمَّـقتْ العلاقات، لأنه وفـَّرَ للزوجين فرصة ً مِن العُمق في التبادُل بالافكار والإخلاص والإمتداد التكويني في الإنجاب، كـُل هذا مِن شأنه أنْ يوطد العَلاقة الزوجية. الحُب بمعزل ٍ عن العقل، ان عقلنة العاطفة وجعل العاطفة تتحرك بشكل يجعلها تنجذب نحو مصاديق العقل، والحكمة، أمرٌ في غاية الأهمية؛ أما شهونة العقل وجَعل الإنسان يُفـَكر أنه أمام َ جمال ٍ ماديّ فقط، فهذا النوع من الرِهان، هو الذي عَصَفَ بالأسرة في دول العالم الأخرى. ان التحديات التي تواجه المرأة كثيرة، وأنا أعتقد، نحنُ أمام مشكلة المرأة في العالم، نحتاج الى عولمة الدفاع عن حقوق ِ المرأة، ليس في العراق حسب وأرجو أن لا يبهرنا التقدم التكنلوجي في بـُلدان العالم الأخرى، فيجعلنا نتصوَّر من موقع الشعور بالدونية؛ ان كل شئٍ في مجتمعنا خطأ، يجب أنْ لا نقرأ فِكرنا وتراثنا من موقع العُقدة، ومِن موقع الخجل، وعندما تتقدم بـُلدان العالم علينا، يجب أنْ نأخذ منها بكل ِ صراحة ولا نخجل من ذلك. عندما نجـِد انَّ المرأة العراقية وهي كذلك، تقدمت ْ على مسرح الحياة بنتاً مع أبويها، وأختاً مع إخوتها، وزوجة ً مع زوجـِها، وأُماً لأولادِها، ومُختصة ً في المؤسسات، ومناضِلة ً، ومجاهدَةً وقفتْ شامخة ًفي السجون، يجب أنْ نـُدرِك اننا أمام تقدُّم في مجال المرأة. بُلدان العالـَم تفخرُ عندما تجدْ في تأريخها مواقف رَصًّعتها بعضُ النساء أو الرجال من المناضلين في تأريخهم الموغِل في القِدَم، ونحن أمام حاضر ٍ وتأريخ حافل ٍ بمواقف نسوية ينحني الإنسان إجلالاً لها كـ (بنت الهُدى) و(الدكتورة سلوى البحراني) و(حفصة العُمري في الموصل) وفي التاريخ المُعاصِر (هاشمية سدخان من البصرة )، البِطـَلة التي واجهتْ أزلام صدام حسين، وقد جـَرّعوا رضيعَها جـُرعة مِن السُم أمامها، ما انحنتْ ولا ارتختْ!! وطلبوا منها مِن ذلك الموقع، أنْ تطلبْ إسترحام صدام حسين؛ أبَتْ ونادتْ بصوت ٍ عال ٍ انها تـُريد الشهادة. هذا ليس شِعرا، هذا ليس عاطفة ً مـُجرَّدة ، هذا واقع، لقد طـَرَّزت النساءُ أرضَ العراق بأزكى الدِماء، مثلما ملأن الزنازين بصرخاتِ الحقّ، لذلك يجب أنْ نعتز بهن أيما اعتزاز. مثلما خاضت المرأة ُ العراقية غِـمار العمل السياسي، مـُعارضة، وبَرعَت ْ فيه، هاهيَ اليوم تخوضُ غـِمار العملية السياسية في الحـُكم، ولاأريدُ هنا أنْ أذكر حية ً من الأحياء، إنـَّما مـِن باب الوفاء أذكر اللاّتي نـلنَ شرف الشهادة. الكثير مِن السيدات شغـَلن َ مواقع وزارية، ومواقع في البرلمان، وعضوات في مجالس المحافظات، مثلما خضن َ مجالات الاختصاصات المختلفة، هذه المرأة، هذا النموذج الرائع، نحن لا نقول إننا وصلنا الى ذروة طموحاتنا في مسألة مُعالجة المعضل النسوي، ولكننا نستطيع أن نقول: إننا قطعنا شوطاً رائعاً ومتقدِماً في هذا المجال. البرلمان أُقحِمَت المرأة فيه بما لا يقل عن 30% ، ولكننا ننتظر المرأة التي تـَقـتحم البرلمان مِن دون أن تـُقحـَم فيه مِن الآخرين، هي التي تفرض نفسَها ولا تفرض بحصة الثلث(الكوتا)، البرلمان مفتوح للأكفأ، وعندما تـُبرهِن المرأة انها كفوءة لـِمَ لا تـَشغـُلْ الحيـّز بالبرلمان الذي يتناسب مع حيـّزها في المجتمع، الباب أمامها مفتوح. المرأة العراقية اليوم تـُقدِّم نموذجاً للعالـَم، أهل أنْ يـُحتذى به، فقد وَفـَّقتْ بين الداخل المنزلي والخارج المنزلي، وفــقـت ْ بين الحياة الخاصة والحياة العامة، وفَـقـت ْ، عندما تعتلي مِنبر الفـِكر، والإعلام، والشعر،والفن، وكل المجالات الحياتية، مثلما انها تعطي البيت روافد الحـُب الذي لا أعتقد أن شخصاً ما، مهما بلغَ يستغني عن حب المرأة. ان التحديات التي تواجه المرأة كثيرة، وكلما ارتـَقـَتْ على سـُلـَّم المجد كلما زادت التحديات، هذه طبيعة الحياة، فلا يـُمكِـن التفكيك بين مستوى الصعود ودرجة التحدي، فبمقدارِ ما يكونُ فعلُ الإنسان كبيرا، تكونُ ردودُ أفعالهِ كبيرة، لذلك المرأة اليوم لها شرف انها سبقتْ أخواتها في بقيةِ الدول، وهذه الدول ليست بعيدة كثيرا عن جغرافية العراق، وحتى عن دول أخرى في العالم، استطاعت أنْ تـتـَقدَّم، وأمامها فـُرَص كثيرة، لان تـَتـَقدم أكثر فأكثر ..... في المجال السياسي، لعبتْ المرأة ُ دورا ًمهما ً جدا ً، هنا في العراق، في المعارضة، وفي الحـُكـُم، مرة ً بطريقة ٍ مـُباشِرة بما هي َامرأة، ومرة ً أخرى بما هيَ صانعة رِجال. فهل تـَنكـُر؟! أن الذي ينطلق من َ البيت يستطيع ان يفصل في حركتهِ بين الداخل المنزلي والخارج المنزلي، زوجاً كانَ، أَم أباً، أَم ابناً، فهل تتمثلون القويّ خارج البيت، انه لـَمْ يكـُنْ قد أمـَّنَ لنفسهِ قاعدة ً صلبة في داخل البيت يقف عليها ! تتصورون انَّ الإنسان لو مزَّقته ُ العواطف في داخل البيت يستطيع أن يكون قوياً، ويمنح الآخرين قوة ً خارج البيت؟. ان مقولة (وراء كل رجل ٍعظيم ٍ إمرأة)،لا تخلو من الصواب، ومقولة (إنَّ المرأة َ تهزُّ بيدها مَهدَ طفلِها، وتهزُّ باليـَدِ الأخرى المُجتمع بأكملهِ)، مقولة صحيحية ايضا، إقرؤوا عظماء العالـَم ستجدون انهم أخذوا من أمهاتهـِم، أخذوا الكثير، خصوصاً في السنوات السَبع الأولى مِن العـُمر، حيث ينهل الطفل ُ مِن أُمهِ القـِيـَم، والمبادئ، والأفكار، وقوة الشخصية، مثلما ينهل الحليب. لذلك فاننا عندما نقف للمرأة العراقية، وقفة ً تقييمية، وهي وقفة َ إجلال ٍ وتقدير ٍ لها، نوَد أنْ نربط بين قوتِها وقوةِ أبنائها، ولذلك وصفتـُها في أحد أبيات الشِعر عندما أقول بحقّ النساء العراقيات. وأنجـبـَتْ النسـاءُ بـهِ رِجـالاً .................. تصاغـَرَ دون َ هِـمـّـتـِهـَم رجـالُ هؤلاء الرجال الذين خرجتهم ارض العراق، واستطاعوا أن يقفوا أمام الطاغوت سنين، ساهمتْ أمهاتـُهم، وزوجاتـُهم، وبناتـُهم، وأخواتـُهم، مساهمة ًرائعة ً في شخصياتهم. مِن هذا المـُنطلق، وبحـُكم الترابط العضوي المـُتبادَل بين المرأةِ والرجُل في مختلف مراحل الحياة، كـُل الظواهر الآن من حولنا تقوم على ثقافات، والمرأة حتى تنهض بمهمتها لا بـُد َّ أنْ نطرح ثقافة جديدة هي: ثقافة تحرير المرأة مِن عـُقـَد الماضي. ان مشكلة المرأة في بعض الأحيان، انها صَدَّقت ْ من حيث التكوين، بأنها مخلوق أدنى مِن الرجُل! وما لـَمْ تـَتـَحرر المرأة ُ مِن داخـِلها مِن حيث ُ بدأت المشكلة، لا يـُمكن أن تضعْ قدمها على طريق الحلّ. ان المرأة القوية التي تؤمنُ مِن داخلـِها بأنَّ الله (تبارك وتعالى)، خلـَقـَها كما خلَقَ الرجُل، وان هناك فروق تكوينية، وان المُشـَّرع قد أخذها بنظر الاعتبار، لكن عندما نتحدث بشكل عام نتحدث ان َّ الله (تبارك وتعالى)، أودَعَ في المرأة ِ مِن الطاقات، والقيـَم، والإمكانات، ما يجعلـُها تـَتـَسنم موقعاً متقدماً في كـُلِ مجال من مجالات الحياة. الظواهر التي تحـُفـُنا الآن في المجتمع، تتصورون ان َّالمرأة لمْ تتسَبَبْ ببعضها؟ ومن هنا، ألا تستطيع بالنتيجة أنْ تتسَبَبْ بعلاج هذه الظواهر؟ خذوا أية ظاهرة كانت، تعتقدون انَّ المرأة في البيت عندما تـُنـَظـِّر وتـُحـَلـِل، لأبنائها وبناتها التعددية المذهبية، والحقّ الطبيعي في الإنتماء المذهبي، لتستبدلهُ(بعض النساء) بالعـُقدة الطائفية، وزرع الحـِقد، حيث ان الأم السُنية تزرعُ حـِقدا في أطفالها ضد الشيعة، والأمُ الشيعية تزرع ُ حـِقداً في داخل أبنائها ضد السُنة!! ألا يلعب هذا دورا ؟؟. ان من أكثر ما يتأثربه الطفل ان يتأثر بأمه ِ في السنوات السَبع الأولى، هذه قراءات علم النفس، يتأثر بدرجة كبيرة جدا، ان استسهال استخدام الإرهاب في أي قضية، وإشاعة ثقافة القتل، هذا ألا يلعب دورا؟ تتصورون انّ الإرهابي دَخـَلَ في مـُعسكر لتدريب بدنه إعتباطاً؟ أم أنه انطلق َ مِن البيت وهو يرزح تحت تأثير كبير من العـُقد، والكراهية، ليصبح أسيرا في داخله لهذه القيم الشاذة قبل أنْ تتولاه أصابع السوء، لتـُعـِدّ مِنه إرهابيا ومن ثم يأتي ليـُفجـِّر نفسه. مِن هنا عندما نتحدث عن المرأة، نتحدث عن نصفِ المُجتمع مرة، ومرة ً أخرى نتحدث عن النِصف الأكثر تأثيرا وفاعلية، لذلك فان من سِمات المجتمع الحيّ والأمم الحيّة، هو احترم المرأة وتـُقـَديّر المرأة، لذلك نرى ماذا كان يقول الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآلِهِ وسـَلـَّم): (نحنُ معاشِر الأنبياء أكثرُ الناسِ حُباً للنساء) لمْ يـَقـُلْ ذلك كمقولة غزل،هكذا كان يتعامل مع أزواجه: (أحسنـُكم، أحسنـُكـُم لأهلِه وأنا أحسنـُكم) وهكذا كان يتعامل مع ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) هكذا كان يتعامل. أمامنا تقاليد وعادات، ونؤكـّد انه لا يوجد في تراثـِنا، فـِكرا وتنظيرما يجعلُ المرأة دون الرجُل، إنما عادات و تقاليد فقط ، أما في دول العالَم الأخرى هناك ثقافات ونظريات تـُفـَلسِف، انّّ المرأة دونَ الرجُل، نحن ُ لا نـُعاني مِن عـُقدة فـِكر، وإنما نـُعاني من عـُقدة تقاليد، والتقاليد تـُهزَم أمامَ الفـِكر، فهي لا تـُقاوم الفـِكر، نحن نستطيع أنْ نهزم كل هذه العادات والتقاليد. الآن الممارسة العملية استطاعتْ أنْ تهزم هذه العادات والتقاليد، الى الأمس القريب كانَ الكثير من الرجال، ( ولايزالُ بعضُهم كذلك!)، يـَستحي مِن ذِكر اسم المرأة!! بنتا كانت أم أختا، أما كانت أو زوجةً، الى آخره ، يستحي! كأن اسمها نكِرة!! أما اليوم نـَجـِد انَّ الكثير من هؤلاء يفخر انَّ ابنتهُ عضو في البرلمان، مثلما يفخر إن ابنته مُعلمة في المدرسة، مثلما يـَفخر ان ابنتهُ خيـّاطة، مثلما يفخر ان ابنته في اي مضمار من مضامير الحياة الاخرى:طبيبة، مهندسة ،ممرضة، معلمة، لان كل هذه المرافق الاجتماعية مـُحتـَرمة. نحن مجتمع حَي، والحيوية تنبـُضُ بكلِ أجزائنا، لا يوجد جزء من المجتمع ننظرُ له نظرة دونية، والمرأة أينما توجد، توجد وهيَ تـُجـَسِّد هذه الحيوية، عليها أن تـُفكر كيف تصنع المستقبل؟ هذه المؤتمرات، والكثير من مؤسسات المجتمع المدني، وكثيرمن المنتديات تدافع عن المرأة، وهذا شئ رائع، لكننا لا نـُريد فقط أن نعيش أسْر الدفاعِ عن المرأة من الناحية النظرية والعاطفية، دون أنْ نفتح آفاق عمل، وتعاط حقيقي، تـَظهرُ فيه المرأة كرائدة الى جانب أخيها الرجُل. أقول هذا، ولستُ بحاجة الى أنْ أؤكد، انَّ ما يوَّشـِح المرأة في أدائها في المجالات الإجتماعية المختلفة، هو إكليل العِفـّة والتـَرَّفـُع عن الرذيلة، نحن نرفض ثقافة التقاليد، ونرفض ثقافة التحلـُّل، وندعوالى ثقافة الوسط (الثقافة الوسطية)، التي تفقه المرأة بعُمُق، حيث تـَستمد المرأة ذلك، من قيـَمنا، ومبادئِنا، وتأريخنا، والمصاديق المُعاصرة للنساء. لذلك العملية السياسية، كما هي العمليات الإجتماعية الأخرى تنتظر دور المرأة، ومسؤولية المرأة، وإصرار المرأة على انها تـُساهم. انا عندما أُسافر الى الخارج، من جُملة ما أنظـُرللبلد الذي اسافر اليه، أنظر لهُ كيفَ يتعامل مع المرأة.. أنا سعيد بالتحولات التي تحصُل الان في كثير من دول العالـَم، ولعلني ذَكـَّرتُ بعضهم (بعض قادة دول العالـَم)، بأنكم كنتم الى الأمس القريب تتعاملون مع المرأة بطريقة تختلف عمّا أنتم عليه الآن. نحن أبناء اليوم، نذكـُرالتأريخ ليس من موقع العُقدة الماضوية للتأريخ، وانما من موقع الإستفادة من التأريخ، وقطع طريق العودة مرة أخرى الى شرنقة التأريخ. المرأة اليوم اقتحمتْ العالـَم، وعليها أنْ تـُبرهن انها جديرة بأنها تـُنتج فكرا في مجال الفِكر، وسياسةً في مجال السياسة، وتربية ً في مجالات التربية، وفي كل مجال من المجالات، والآفاق أمامها مفتوحة. التحولات العراقية كثيرة جدا، تعلمون جيدا كم هو الفرق بينما كنا عليه قبل اربع او خمس سنوات، وما نحن عليه الآن، الحمد لله (جل وعلا)، هناك هذا العدد الغفير من النساء اللاتي دخلن، وخضن غِمار المعركة السياسية بكل كفاءة واحترام، وانا أعتقد ان هؤلائي النسوة، وجـهن رسالة الى الكثير من دول العالـَم ولذلك كنت في إحدى الدول قبل حوالي سنتين أو ثلاثة وقـُلت لهم: ان المرأة عندكم ستدخـُل البرلمان، (اذاعوها في التلفزيون). أنا أعرف انه لا يـُمكن التفكيك في الواقع الاجتماعي بين بلدٍ وبلد، لا يـُمكن التفكيك في ذلك، لذلك مثلما توجد الآن مأساة عالمية تعيشها المرأة، أنا أعتقد هناك (نهضة معولمة)، مُمكن أنْ تنتشر في كل مناطق العالم لتخليص المرأة مما تعانيه. ان التفهم والثقافة ورفض هذا التمايـُز، كل أنواع التمايـُز، سواء كان، العرقي العنصري، اللون، وبما في ذلك التمايز الجنسي، هذا النوع من التمايز موجود حاليا، لكننا نحن نحتاج الى رائدات، الى رائدة، الى إمرأة تتحدث، والى شاعرة تنشـُد شِعراً، والى مختصة في المجالات المختلفة تستطيع أنْ تفرض نفسَها، لذلك عادة ً ما تكون النظرية متطورة بتطور الواقع شـِئنا أمْ أبـَينا. احترمتُ أحد المـُنظـّرين عنما اطـّلعتُ على دستور دولته وهي إحدى الدول العظمى وجدتُ هذه العِبارة: (اننا ناخذ الحقائق من خلال الواقع الاجتماعي)، قلت لهُ: هذا هو سِرَّ التحول؟ لإنكم الآن أعـدتـُم النظر في طريقة التعامل مع المرأة، الواقع الإجتماعي يفرض نفسه، لذلك على المرأة أن تنطلق من داخلها ومن ذاتها. أُبارك ُ لكم هذا الجَمع المُبارك، وأتوسّم ان هذا الرقم مع بقية الأرقام النسوية رغم الصيغ المختلفة في الأداء، ورغم الإختلاف بالأهداف التفصيلية لكني أتوسّم، ان الجميع يعمل ببوصلة واحدة، الا وهي: هَمّ بناء العراق الجديد والتسابق في بناء العراق، من كل النواحي اقتصادياً، وسياسياً. يجب أنْ تـُفكر المرأة بان تـُثبـّت هويتها، من خلال كونها عنصر بناء مثلما اثـَبتـَتْ هويتها من خلال كونها عنصر مقاوِمة وهـَدم للنظام السابق، هاهو اليوم الذي حان فيه أنْ تـُثبتْ المرأة كفاءتها في كل مجال. لذلك أُُباركُ لكم هذا اللقاء، واتطلع الى تحقيق المزيد من النتائج، والمزيد من الأهداف، وأملي بكم كبير جدا، عندما أنظر الى المستقبل،حيث أقرأ في إرادتكم انكم ستخطـّون مستقبل العراق الزاهر، كما كـتبـْتـُم تأريخه المجيد. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهُ.....