عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: منبر البرلمان الخميس 19 نوفمبر - 16:34
الخطبة الاولى 22/4/2006
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه النتجبين وجميع عباد الله الصالجين السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته اذا كان لي لابد من كلمة مرتجلة وسريعة..... أود أن أذكركم، أن هذا المكان الذي هو معقد آمال ابناء شعبنا العراقي، يفترض أن يشهد نمطية جديدة في الاداء، وانا لا اقول: ان العراقيين كلهم هنا في هذه القاعة، لكني استطيع أن اقول: إن الانواع العراقية كلها في هذه القاعة. من خلال هذا التشكيل السياسي، القومي، الديني، والمذهبي المتنوع، تتمثل بمكوناتكم مكونات شعبنا العراقي، وعندئذ نحن بأمس الحاجة الى أن نجعل التقارب هنا في الكراسي، ليس تقارباً جغرافيا متحاجرا، لا يعدو أن يكون بدن في مقابل بدن، إنما نتمنا أن تمتزج جميع الافكار من أجل أن نبحث عن الأواصر الوطنية والسياسية المشتركة . نتمنى كذلك، أن تتمازج مشاعركم وعواطفكم، حتى تنعكس من بريق عيونكم على شعبنا العراقي، والذي عندما يتطلع الى هذا الجمع المبارك، يجده جمعا وحدويا، وعندما يتبلور في تفاعلكم، تفاعل استراتيجي راسخ فإنه يرسم مستقبلاً واعدا لشعبنا. يفترض بنا أن نفكر، كيف يمكن أن نبلور وحدة فهم مع الآخرين؟ فالتعدد المذهبي عقدة طائفية، وعليكم أن تمنعوا الامتداد الطائفي المعقد من أن يصل الى البرلمان، وأن تعكسوا نمطية اخرى، تتمثل في التنوع الحضاري الايجابي، وأن نمنع التناحر والتحارب والاحتراب. من خلال ذلك، وما أفرز الى هذه القاعة، يتوجب علينا أن نجعلها رئة مفتوحة، لا تختنق بهذه السلبيات، اذن والآن لابد لنا من أن نفكر، كيف نمتد بايجابياتنا الى الساحة، ونمنع سلبيات الساحة علينا؟ أقرأ في هذه القاعة تمنيات كبيرة، أرجو من الله (جل وعلا)، أن توفقوا لها، وارجو أن يكون هذا البرلمان، تحت هذا السقف الذي لطالما تطلعت اليه لأن يكون جمعا مشتركا، يعكس الجمع المشترك للشعب العراقي، وأن يشهد عقلا متنورا يجيد فن الحوار والتعاون من موقع الاختلاف. إن الحوار من موقع الاختلاف حالة حضارية، يتقدم فيها القلم على البندقية، وتعلو فيها الكلمة فوق قرقعة السلاح، وأزيز الرصاص، لذا يجب أن نعطي هنا هذا التنوع بين السلطة التشريعية بمهامها التسع او السبع في الدستور، نمطية جديدة، كيف تكون عقلا يشرع القوانين؟ و يملأ فراغات الدستور؟ وبنفس الوقت كيف تكون ظهيرا للحكومة التنفيذية، وليس خندقا يواجه هذه الحكومة؟. كذلك، كيف نجعل من البرلمان ساندا حقيقيا وظهيرا حقيقيا، يـَشعـر المتــحدث فيه، أنه عندما يتكلم فإنه يتكلم وفق الدستور، ويفكر كثيرا قبل أن يتحدث، ويختصر جهد الأمكان، على قاعدة(خير الكلام ما قل ودل)، يستطيع بذلك أن يصيب كبد الحقيقة. لذا لا ينبغي أن يكون خندق البرلمان، في مقابل خندق السلطة التنفيذية، لتصور على أنها عملية مواجهة، بل هي عملية تكامل، فالسلطة التنفيذية تستمد قوتها من قوتكم، وتستمد استقرارها من استقرار قاعدتكم العريضة، لذلك تتغنى شعوب العالم بأن لها برلمانات كبيرة ومتماسكة تقوم على قواعد دستورية. أنا لا أنظر للبرلمان كم له من العمر، قلتها اكثر من مرة، لقد استطاع العراق في عام 2005، عام التحديات العظام، أن يحقق إنجازات كبيرة عجزت عنها اكبر دول العالم، نحن نستطيع أن نخطو ببرلماننا، ونحقق إنجازات كبيرة، إن تلبسنا بعقلية حكومة المشاركة . عقلية المشاركة، تجعل المشرع هنا في البرلمان عندما يتحدث عن اخيه في الجهاز التنفيذي، أو الجهاز القضائي، فأنه لايتحدث على نحو التضاد، بل على نحو التكامل. أنا أتمنى أن تــَشيع في اوساطنا هنا في البرلمان، روح الاخوة، والوعي للمشترك السياسي، والمشترك الاداري، والمشترك التنظيمي، حتى نستطيع أن نحعل عداد الحركة لا يقوم على اساس حركة عقربة الزمن ، بل على اساس أنه عندما بدأ البرلمان جلساته، بدأت عمليات الإرهاب بالتراجع، وبدأت عمليات العمران ومستوى الخدمات بالتصاعد القوي. إن الشجاع ليس الذي يبحث عن ثغرة ليردمها، فالشجاع فينا من يستطيع أن يتقدم بالعملية السياسية في مواجهة من يريد أن يقوض أمن بلدنا، ويعمل على وقف هدر الدماء التي سالت من منطقة الى اخرى على يد الإرهاب الذي لا يفرق بينكم أبدا. انظروا حصاد الاسبوعين الماضيين؟ لم يفلت من يد الإرهاب احد!؟ فاذا كانت الافعال لا توحدنا، دعوا ردود الفعل توحدنا، فمادام الفعل(الإرهاب)، يستهدفنا جميعا، لابد من أن تكون ردود فعلنا، ردودا كبيرة ضد الفعل الإرهابي الموجه نحونا جميعا. عدوكم الوحيد هو الإرهاب فقط ، فلا يوجد سني يستبيح دما شيعيا، ولا يوجد شيعي يستبيح دما سنيا، ولا يوجد مسلم يستبيح دما لغير مسلم، عدوكم الوحيد هو الإرهاب، لذا إياكم أن تفتحوا جبهة اخرى غير جبهة الإرهاب. عمق المؤامرة الإرهابية، تريد أن تجعل العراق حمام دم، هذا العراق الذي ورثناه عن ابائنا وأجدادنا عائلة واحدة، لانك تجد التنوع في كل مدينة، ويستحيل عليك أن تجد مدينة في العراق لا يوجد فيها تنوع، كما يستحيل عليك أن تجد قبيلة من قبائل العراق الكريمة دون تنوع. في العراق، يستحيل أن تجد مدينة من المدن، ليس فيها وشائج الوحدة الرائعة، والزيجات المختلطة، ماذا نقول لأبنائنا، عندما استطاعوا أن يتعايشوا مع ام سنية واب شيعي، وبالتالي مع أخوال من السنة وأعمام من الشيعة . كيف نأتي بزيجة جديدة ونقول: حدد موقفك، أما أن تكون مع أبيك ضد أمك، أو مع أمك ضد أبيك!!. أتمنى لهذه القاعة أن تصبح صوت البرلمان المدوي في عالم التشريع، وصوت النقد البناء الذي يعين السلطة التنفيذية، وأتمنى أن تشعروا أن رئيس الوزراء هو ابنكم، وأن الوزراء إخوانكم وأبناؤكم، وإن الوزيرات أخواتكم . كفى نفكر بعقلية المعارضة، مازلنا حتى اليوم لا نصدق أننا في الحكم!! أنتم الآن في صلب الحكم، هنا يصنع القرار على اساس دستوري، وهنا تراقب الحكومة، وهنا تقر المواثيق الدولية، لذا عندما يخطىء أحد منكم سددوه بالنقد البناء، لا بنقد القسوة والشدة. أتمنى لكم كل الموفقية، وها أنا الآن قد عدت لكم اخا، قلت لمن عرض علي مواقع متعددة، قلت لهم: لا يسعني إلا كرسي البرلمان. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
* الخطبة الثانية:22/5/2006
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الخلق أجميعن، سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وجميع عباد الله الصالحين، والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته. قال تعالى في محكم كتابه العزيز: "أ فمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم " في هذا اليوم، ولادة جديدة، ولادة حكومة لطالما اشرأبت لها الأعناق، وتطلع لها أبناء العراق الذين كانوا ينتظرون ولادتها. لقد كانت مسؤولية الولادة كبيرة، ولكن مسؤولية إنجاح هذه التجربة والمضي في مسارها المحدد حتى نهاية عامها الرابع مسؤولية اكبر، وعليه مثلما نفرح الآن، ندعو الله(سبحانه وتعالى)، مخلصين أن يديم فرحنا، وأن نتواصل مع هذه الحكومة يدا بيد لتحقيق آمال شبعنا وطموحاته. لدي ثلاث وقفات، في ثلاث محطات سريعة:
الوقفة الأولى مع البرلمان: هذا البرلمان سيكون عمره اربع سنوات، والبداية هي دائما نقطة الافتراق بين النجاح والفشل، فمن أين نبدأ؟ لنحدد البوصلة والاتجاه الذي ترسو عليه دعائم النظام، هذا النظام الذي يتبلور في رحم هذه القاعة، حيث تولد القرارات ويولد التشريع، وهنا في هذه المحطة (البرلمان)، ترصد نشاطات الحكومة وأعمالها. إن أعضاء البرلمان الذين يكونون الحكومة مائتان وخمسة وسبعون عضواً، حيث يفترض أنهم يفكرون بمائتين وخمسة وسبعين عقلا، ويتحركون بمائتين وخمسة وسبعين إرادة. لذا أنا لا افترض أن يسمح أحد لنفسه أن يكون صدى لصوت الآخرين، وإنما لابد من أن ينطلق من ارادة حرة، وعقل متنور، حيث يدلي برأيه كما يعتقد حتى إذا كان خطأ. إن الشعب الذي اختاركم، هو نفس الشعب الذي اختار كل الأعضاء، ولذلك أرجو أن لا يختزل أحدكم نفسه في حزب، أو جبهة، أو قوة سياسية، وإنما يجب أن يحلق هنا في هذه القاعة ممثلا للشعب كله. أرجو أن تسود ثقافة المشترك، والتعرف على ايجابيات الآخرين، أرجو أن ننزع النظارات السوداء التي يلبسها بعضنا عندما ينظر الى الآخرين، أرجو أن ننسلخ من عقلية قراءة الآخرين من الخلفيات السلبية، وأرجو أن يتعرف كل واحد منا على الآخرين، كم له من طاقة؟ وكم يشكل وقود حركة نستطيع نحن - العائلة البرلمانية- أن نمشي به حتى نهاية المشوار؟. أسألوا أنفسكم ماذا تعرفوا عن الآخرين من إيجابيات؟ وعندما تختزنون في ذاتكم ودواخلكم ايجابيات إخوانكم نحن في صحة، يجب أن نتعرف على الآخرين، ماذا يملكون من طاقة؟ وكم يستطيعون أن يبنوا البلد؟ نحن لسنا بحاجة الى ثقافة السلبيات، لسنا بحاجة الى أن نعيش هنا نتجاور بالأبدان وينعزل أحدنا عن الآخر بالفكر والسياسة!!. نريد للبرلمان أن يكون برلماناً قوياً يحترم فيه الزمن من قبل البرلماني، تعرفون ماذا تعني الدقيقة، هنا الدقيقة في عمر البرلمان، تعني مائتين وخمسا وسبعين دقيقة، أي أكثر من ست ساعات. لذا عندما يتكلم أحدنا، أو يعلق أو عندما يطلب نقطة حوار فإنه يأخذ من وقت البرلمان أكثر من ست ساعات كل دقيقة، أما إذا أخذنا بالحسبان الملايين التي تنظر عبر شاشات التلفاز، فمعنى ذلك أننا في كل دقيقة نخسر ملايين الدقائق من وقت أهلنا. فهل لنا إن انطلقنا أن نحترم الزمن البرلماني، والعقلية البرلمانية، وصممنا ذهنية تستطيع أن ترصد السلبيات، وتستطيع أن ترصد آمال الشعب وطموحاته حتى نعمل على تحقيقها. هذا هو المطلوب في وقفتنا الأولى معكم كأعضاء برلمان، إن الشعب الذي اختار البرلمان، يتطلع الى أننا نحضر هنا ونستمر ولا يتوقع منا أن ننسحب. أنا أحترم كافة وجهات النظر، وأدرك جيدا أن الخلاف في وجهات النظر مدعاة للحوار والمواصلة، وليس مدعاة للانقطاع. لذا نأمل من الأخوة الذين تركوا القاعة، أن يكون تركهم هذا انقطاعا لا قطيعة، ويعودوا إلى البرلمان بأقوى مما خرجوا منه، هذه هي الوقفة الأولى مع محطة البرلمان . الوقفة الثانية مع الحكومة التي ترأستها في عام 2005 إلى عام 2006: ينبغي أن اذكر هذه الحكومة بكل احترام وتقدير، وأن أحترم تلك الإرادة القوية التي تجسدت في كامل أعضاء حكومتي نوابا ووزراء، وجميعنا ندرك جيدا أن الطموحات الكبيرة التي حققوها، لم يكن ليحققوها لو لم تكن هناك نوايا صادقة ملأت ضمائرهم وقلوبهم، وإن لم تكن هناك إرادة قوية تحركت لتحقيق ذلك. إن التحديات الكبيرة التي واجهتها الحكومة الانتقالية، لم تكن تحديات سهلة، فهذه التحديات لو مرت على أي حكومة لأصبحت رمادا تذروه الرياح. لقد كان عام 2005 عام الطموحات الكبيرة، والتحولات الكبيرة، واقولها بكل شرف وعز. لذا سيطأطىء التأريخ رأسه عندما يسجل عام ألفين وخمسة في سجلاته. فماذا حدث في عام 2005؟ وماذا تحققت فيه من مصالح كبيرة؟ وماذا استطاعت أن تتجنب فيه الحكومة الانتقالية من كوارث فادحة؟ تعرضت بعض الدول لأقل منها فتركت آثارا خطيرة عليها. الى هذه الحكومة بكل لجانها، وبمفاصلها كافة، تحية ملؤها الاعتزاز والتقدير لكل السادة الوزراء، وكل الذين عملوا في مفاصل الدولة، والذين أسهموا في إرساء الأمن، والارتقاء بالوتيرة الأمنية وتخطي الصعوبات .
الوقفة الثالثة مع الحكومة الوليدة: في هذه الحكومة الجديدة، تعلمون جيدا كم من المرونة ابداها أخونا (المالكي)، عندما شكل الحكومة، وأنا أدرك عمق المعاناة لمن يتصدى لتشكيل حكومة في مثل هذا الظرف الصعب، وفي ظل خارطة معقدة، وخلفيات متنوعة. لكن الأخ المالكي، استطاع وعلى الرغم من كل الصعوبات أن يشكل هذه الحكومة، لكن مسؤوليتنا تبقى في أننا لا ينبغي أن نقف جانبا. كما قلت في خطابي السابق(في البرلمان): إن رئيس الوزراء هو أخوكم، وإن الوزراء والوزيرات هم إخوانكم وأخواتكم، ولذلك يجب أن يشعروا عندما يأتو هنا الى البرلمان، أنهم جاؤوا إلى مسكن، وأنهم ليسوا هنا في ميدان مواجهة، بل في خندق دعم و تكامل، و رفد. في البرلمان يجب الدفاع عن الحكومة بالحق، ونقدها نقدا نقصد به التقويم وليس الايقاع، لذا ينبغي أن لا ننظر الى كل موقع من مواقع الدولة من خلال الشخص الذي يشغله، بل يجب أن ننظر الى الذين يشغلون المواقع من خلال مواقعهم الوطنية. إن العقد بين المواطن والموقع ثابت لا يتزعزع، نحن مع رئيس الوزراء، سواء أكان المالكي الان، أم علاوي سابقا، أم أي رئيس وزراء آخر. لذلك نحن جميعا على المحك، ويجب أن نقف إلى جانب رئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، وكافة المسؤولين في كل مواقع الدولة، لأن الوطنية تتوقف على ذلك، يجب أن توحدنا الأفعال التي تقوم على الهدف المشترك. العراق كله ينتظر منكم نتاج أربع سنوات، ماذا سنفــّرق بالبرلمان من عطاء؟ وماذا ستقدم الحكومة من مشاريع، ومن تجاوز وتخط للمشاكل؟. خلال أربع سنوات، ماذا سنقدم لأبناء شعبنا؟ وإذا لم تكن الأفعال والمشترك وحدهما كافيين لأن نصنع سلوكا ونمطا مشتركاً، ففكروا بردود الأفعال، رد الفعل أحيانا يقرب الأبعدين، رد الفعل في الحرب العالمية الثانية قرب بين ستالين في أقصى اليسار مع تشرشل وترومان ضد هتلر وضد موسوليني في ايطاليا. إن ردود الأفعال في بعض الأحيان، تبعد القريب، وتقرب البعيد أحيانا. كل رؤوسكم مطلوبة من قبل الإرهاب، وكل أعراضكم معرضة لأن تنتهك من قبل الإرهاب، ولذلك رد الفعل يجب أن نضعه أمامنا دائما، وأن نوجهه توجيهاً صحيحا. أيها الإخوة إنكم ما جلستم هنا صدفة، فأنتم تمثلون عصارة دم وعرق، عصارة الدماء الطاهرة التي قدمها العراقيون عبر مسيرة مضمخة بالدم، قدم فيها العراقيون قرابة المليون شهيد، مليون قتيل، مليون ضحية، وكان تاج هذه التضحيات الإمام السيد محمد باقر الصدر(قده). السيد محمد باقر الصدر، لوحده كان قمة للشهادة، فشهادته كانت شهادة نوعية جسدها هو وبقية الشهداء. لذلك يجب أن نستحضر دائما، أننا نمضي في ذلك الطريق الطاهر، هذا الطريق الذي شقه شهداؤنا العظام من كل أبناء المذاهب، والديانات، والقوميات، والقوى السياسية. لذا ينبغي أن نتخذ من هؤلاء وقودا، وأن نستمر بالتقدم إلى أمام بهذا الوقود، وأن نعتبر كل واحد من أعضاء الحكومة (حكومة المالكي)، أخاً نتفانى من أجل الدفاع عنه، لأننا في تفانينا في الدفاع عنهم، نتفانا في الدفاع عن وطننا، لأن الوطني لا ينفك ابدا في الدفاع عن وطنه. شكرا جزيلا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الخطبة الثالثة 22/11/2006
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وجميع عباد الله الصالحين والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته قال الله (سبحانه وتعالى)، في محكم كتابه العزيز: " إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما". سمعت اكثر من مرة من يستدل بهذه الآية القرآنية الكريمة في مسألة عرض الأمانة، ولذلك لا أريد أن اتحدث عنها، أنا اتحدث هنا عن الآية الثانية، في انه كيف يقسم القرآن الكريم من زاوية اجتماعية (سوسيولوجية)، الذين ينظرون الى الأمانة ونحن بأمس الحاجة لأن نتلمس مواقعنا في حمل الأمانة. لقد قسم القرآن الذين يقفون ازاء الأمانة الى ثلاثة اقسام: " ليعذب الله المنافقين والمنافقات" لقد قدم القرآن المنافقين على المشركين لأنهم الأكثر خطرا، باعتبارهم الخنجر المسموم في خاصرة القيم والمبادئ، والأمم والشعوب، فقدمهم على المشركين، فالمشرك يقول لك بصراحة: إني مشرك، لكن المنافق يطرح شعارا اكبر من شعارك، ويملأ الآفاق صخبا اكثر من الكلام الذي يحمله الوطنيون، ثم يطعنك من الخلف، لذلك قدم لقرآن الكريم المنافق، لأنه الأكثر خطورة من المشرك. لماذا نسافر الى الدول الأقليمية، وننشر غسيلنا على الحبال، أنا فخور بكل من له رصيد في دولة اقليمية بشرط أن يكون ممثل العراق مع تلك الدولة، لا أن يمثل تلك الدولة في العراق، عليه أن يعمل لخدمة العراق ويستثمر رصيده في تلك الدولة لخدمة العراق، لا أن يكون غاطسا في هذه الدولة أو تلك!!... لماذا؟. متى نستيقظ من هذه الغفلة (تفرق الكلمة)؟ متى نقدر من يتصدى للمسؤولية؟ ومتى نلتقي مع ابناء شعبنا؟ حيث نئن لأنينهم، ونفرح لفرحهم، ومتى نعيد الأبتسامة المسروقة الى شفاه الأطفال؟ متى؟. انتم المعول عليكم إخواني وأخواتي في هذا الامر، لإن قارب التجربة (العراق الجديد)، إذا انقلب لا ينجو منه أحد حتى الذي يجيد فن السباحة، لان الماء مليء بالكواسج، والشاطىء بعيد. قدرنا كعراقيين أننا في قارب واحد، لذلك يجب أن نعمل سوية، وأن يقوي بعضنا البعض الآخر، منذ عام 1996 وأكثر من أخ هنا جالس في هذه القاعة (قاعة البرلمان)، شاهد على تجربة اتفاق بيننا وبين إخواننا السنة في لندن عام 1996. الأن احد الأخوة جالس في الجانب الأيمن من القاعة، وأخ آخر (أياد السامرائي)، يجلس في الجناح الايسر من القاعة، أ يصح هذا بعد مضي هذه الفترة؟ هذه الفترة التي نيفت على العقد من الزمن، أ يصح أن نتراجع اكثر بعدها ونتباعد؟!. لذا سأدعو هذه الرموز، وهذه الشخصيات (للقاء والحوار)، وقد زارني بعض هؤلاء الاخوة (من التوجهات المختلفة)، في لندن ووعدتهم خيرا، لذا سألتقيهم إن شاء الله (سبحانه وتعالى)، في بغداد لكي نبدأ ونبدأ بعمق. المسألة ليست مسألة خطابات وثقافة، الشعب ينتظر مواقف، يجب أن نعيد النظر بمعايير الربح والخسارة، ليس الربح أنك تملك حجما في الكيان الذي ترتبط به، وليس الربح أن يكون لكيانك حجم في البرلمان، إنما الربح الحقيقي: أن يحتل البرلمان موقعا متصديا لتجسيد طموحات العراقيين، لأن الكل ينتظرون ذلك. نريد علاقات مع الدول الأقليمية، لكننا نريدها أن تكون علاقات دعم واحترام، نحن نتمنى لهم كل الخير(دول الجوار)، ولكن يجب أن يبادلونا هذا الشعور، لأننا لا نريد أن نتدخل بشأن أحد. على كل عضو من أعضاء البرلمان وأنا واحد منهم، عندما يسافر الى الخارج، لينقل من هنا، من العراق، لينقل احترامنا للمرأة، لينقل كيف طوينا المسافات على الرغم من قصر الفترة وشدة التحديات. على عضو البرلمان أن يتحدث عن العراق وهو رافع الرأس، عيب والله (العظيم)، أن البعض منا يذهب الى الخارج، ولا ينقل إلا عيوب التجربة فقط، وعلى لسان الذين يتصدون لقيادة التجربة!!. ماذا يعني أن تكون قائدا، إن لم تأخذ شعبك الى ما تريده وما تؤمن به؟ تريد أن تكون رئيسا؟ يأتي شعبك بك. أما إن كنت تريد أن تكون قائدا، فعليك أن تأتي بشعبك الى حيث تعتقد، ولذلك يسمى القائد قائدا. حتى لو استبدلت الهتافات والتصفيق باللعنات، فهذا الامر يـُخوف به الجبناء والمنافقين، لا يـُخوف به ألإنسان الذي يتصدى لحمل الأمانة، في إي حزب، وفي إي جبهة، وفي إي برلمان. كثير من الذين قادوا شعوبهم قتلوا، اقرأوا التأريخ، الإمام (علي) قاد شعبه وقتل، والإمام (الحسين) قاد شعبه وقتل، اقرأوا (غاندي) عام 1948 قاد شعبه وقتل، اقرأوا عن كل القادة الذين خلصوا من الحرب الاهلية، إقرأوا في امريكا (إبراهام لينكولن)،(حكم من عام 1860 الى عام 1865) ووحد الأمريكتين بعد أن ضحى لاجل ذلك ستمائة الف شخص، قاد شعبه للنصر لكنه قتل. لماذا لا يعرف أحدنا عن الثاني المشتركات؟ اقرأوا تاريخ المذاهب وانظروا المشتركات، اقرأوا تاريخ الإمام (جعفر بن محمد الصادق)،(عليه السلام)، و(أبو حنيفة)، و(مالك ابن أنس) و(أحمد بن حنبل)، اقرأوا (الشافعي)، وستجدون المشتركات بين هؤلاء جميعا. اقرأوا رواد الحركة الاصلاحية الجديدة، اقرأوا (الكواكبي) و(محمد عبدة) و(رشيد رضا)، اقرأوا (جمال الدين الافغاني)، كل هؤلاء ينتمون الى خط أهل البيت (عليهم السلام)، وكل هؤلاء يضطلعون بمهمات فقهية مختلفة. اقرأوا رواد الفكر منذ فجر التاريخ، منذ خمسمائة سنة الى ستمائة سنة قبل الميلاد، كل هؤلاء يشتركون في الفكر الإنساني. ليست لدي حاجة إلى هذا الحديث، ولست محتاجا لأن أتحدث هنا في مجلسكم هذا، ولولا احترامي للشيخ (الشيخ خالد العطية نائب رئيس مجلس النواب)، لهجوته بثلاثة ابيات من الشعر. لست بحاجة أن آتي إلى هنا فليست عندي أزمة شخصية، ولا عندي طموح متلكىء حتى أتحدث هنا، أنا هنا لإتحدث عن جراحات شعبي، وأتحدث عن امتدادات هذا الشعب في الخارج. كيف ينظر لنا الشعب العراقي جميعا كمسؤولين؟ والى أين نحن نسير؟ ومتى نعيد حفظ اللحمة بيننا؟ ومتى يشعر أحدنا أن الوزير المتفاني هو ابن له أو أخ، سواء كان من مذهبه أم من مذهب آخر؟ ومتى نشعر أن المتصدي للحكومة يجب أن يـُحمى. ما بقي من الوقت فهو لسماحة الشيخ ولكم. شكرا جزيلا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.