عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: عبد الفلاح السوداني وزير التربية الجمعة 20 نوفمبر - 0:20
السلام عليكم، في حوار جديد مع أحد وزراء الحكومة الانتقالية، ضيفُنا في هذا الحوار الدكتور عبد الفلاح السوداني، وزير التربية في الحكومة الانتقالية ووزير التجارة في حكومة الاستاذ المالكي. سيادة الوزير أهلا وسهلا بكم. في البدء نتقدم لكم بالتهاني لتسنمكم المنصب الجديد، ونتمنى لكم الموفقية في عملكم الجديد. بداية نود أن نتعرف على نبذة مختصرة عن حياتكم الشخصية والمهنية؟ الوزير : بسم الله الرحمن الرحيم . في البدء أود أن أشكركم على إقامة هذا الحوار . أما عن سيرتي الشخصية والمهنية، فقد ولدتُ في مدينة البصرة عام 1947 من القرن الماضي . ودرست الابتدائية، والمتوسطة، والاعدادية والجامعة في البصرة. تخرجت عام 1970 من جامعة البصرة، ثم ذهبت عام 1977 بعد فترة من الاضطهاد والخطر، ذهبت الى المملكة المتحدة (بريطانيا) حيث حصلت على شهادة الدكتوراه عام 1988 في الكيمياء الحياتية. ومنذ عام 1964 أي: عندما كنت شابا في المتوسطة، مارست العمل السياسي، من خلال الانخراط في صفوف حزب الدعوة الاسلامية، حينها كنا شبابا صغارا في سن السادسة عشرة، أو السابعة عشرة حسب ما أذكر. وقد استمر هذا العمل السياسي في الجامعة وبعد الجامعة. ومن ثمّ انتقلت إلى بريطانيا عام 1977، حيث استمر هذا النشاط السياسي بعد تخرجي، وحصولي على شهادة الدكتوراه من جامعة (ويلز). أيضا مارستُ العمل السياسي، والعمل الكتابي، والبحثي، والصحفي إلى سقوط نظام صدام، ثم عدنا الى البلد، وانتخبتُ عضوا في الجمعية الوطنية عام 2005. بعد ذلك، تم اختياري وزيرا للتربية في حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري الانتقالية، ثم انتخبتُ عضوا في مجلس النواب عن مدينة البصرة، ثم وزيرا للتجارة في حكومة أخي الأستاذ نوري المالكي. - معالي الوزير، هل هناك فرق بين عراقيي الخارج، وعراقيي الداخل؟ الوزير : في الحقيقة، العراقيون في الخارج اضطرتهم الظروف إلى مغادرة بلدهم (العراق). وهذه المغادرة جاءت اما بالاختيار من خلال الذهاب للدارسة مثل حالتي، أو بسبب شدة المحنة والاضطهاد؛ فأجبر ذلك الناس على مغادرة هذا البلد العزيز، خصوصا بعد عام 1991 حيث كانت الظروف الاقتصادية صعبة، والضغط الأمني كبيرا من قبل النظام السابق؛ الأمر الذي دفع الكثير من العراقيين الى الهجرة، والعيش في الخارج. أما الفرق بين العراقيين في الخارج، والعراقيين في الداخل، فلا تُوجد فروق من حيث الأصول، ومن حيثُ المعيشة؛ لكن يوجد فرق بالتجربة. الناس الذين خرجوا تعلموا من تجارب الأمم التي عاشوا بينها؛ فقد درس قسم كبير منهم، وأكملوا دراستهم العليا، وحصل البعض الآخر على نتائج كبيرة؛ فالخبرة التي حصل عليها العراقيون في الخارج كانت جيدة، على الرغم من أن العراق كان محاصرا من قبل نظام صدام في الداخل، ومقطوعا عن الخارج. مقابل ذلك كان للعراقيين في الخارج مطلقُ الحرية، وكانت لديهم الفرصة للتطلع، وتفهم تجارب الآخرين، وهذا هو الفرق. - معالي الوزير، كيف وجدت العراقيينَ في الداخل، وماذا عن تواصلهم مع العالم الخارجي؟ الوزير : العراقيون في الداخل كانوا مُحاصرين في التسعينيات، وبداية سنة الألفين. وما أن فُتح لهم العالم بعد سقوط النظام شعروا بالمفاجأة، فلم يكونوا يتوقعون ما وصل إليه العالم من تقدم. والآن، العراقيون عادوا إلى طبيعتهم القديمة، وهي الامتزاج بالعالم، وشعوب الأرض الاخرى، والتعلم من هذه الشعوب بصورة متبادلة. العراق غنيٌ بتاريخه، وحضارته، فالمعرفة والتعلم، قضية متبادلة، ولكن مع ذلك فإن العراقيين في الخارج، قد مروا بمحن اقتصادية، ومحن تتعلق بهويتهم. الانسان العراقي حينما يذهب إلى بلد من البلدان الغربية، يجد ان اللغة تختلف، والدين يختلف، والعادات تختلف، والثقافة تختلف، وكل شيء يختلف، وبذلك يواجه العراقي كل هذه الأشياء، وهو يريد أن يحافظ على دينه، ويحافظ على عراقيته، ولغته، وأبنائه من الانسياق مع المجتمعات التي لها عادات، وطبائع تختلف عن عادات المسلمين، والعراقيين على وجه الخصوص. لقد كنا نخوض صراع الهوية، إضافة إلى صراعنا مع النظام، وعملنا على إسقاطه، واستبداله بنظام ديمقراطي، نظام دستوري يخدم المجتمع الانساني، فضلا عن ذلك، كنا نخوض حرب الهوية. أولادنا كانوا يُعانون من مسألة هويتهم الاسلامية، وهويتهم العراقية، وبالفعل أنا استطيع القول: ان أغلب العراقيين نجحوا في هذا الامتحان، ونجحوا في ماكانوا يسعون إليه سياسيا، حيث نجحوا في تحقيق هويتهم. الآن العراقيون لهم مراكز، ومواقع، ودور فكري، وتأثير اقتصادي، واجتماعي في المجتمعات التي يعيشون بين أوساطها. - دكتور، كيف أمكنكم الانتقال من حياة المعارضة، إلى حياة رجل الدولة، في هذا الزمن القصير؟ الوزير : في اعتقادي. لابد من أن يكون السياسي رجل دولة، أو يُهيء نفسه لأن يكون رجل دولة، فحينما يمارس عملا ًسياسيا، فهو يهدف إلى أن يكون في الموقع الذي يؤثر فيه؛ لذلك لا يتوقع من السياسي أن يبقى في المعارضة طوال حياته؛ فكثير من إخواننا، وأهلنا قضوا سنوات طويلة في المعارضة وربما توفي البعض منهم، واستُـشهد البعض الآخر، ولكن المعارض أو الناشط السياسي، يهدف الوصول إلى موقع معين، حتى يمارس وينفذ الاهداف التي كان يسعى إليها. لذلك، أنا اعتقد أنه لا يوجد تمايز بين رجل الدولة، ورجل المعارضة، ولابد من ان يستعد الرجل السياسي للمعارضة، كما يستعد لإدارة البلد. - كيف تصفون، معالي الوزير دخول القوات متعددة الجنسيات الى العراق، ومرحلة سقوط الصنم؟ الوزير : في الحقيقة. العراقيون في ذلك الوقت وصل بهم الأمر إلى حد شبه اليأس من سقوط هذا النظام السابق، فقد واجه عدةَ حروب، وعدةَ أزمات ولم يسقط. والشعب كان عاجزا بسبب الإبادة التي كان يتبعها النظام السابق، اسلوبا تجاه الشعب. لذلك كان الناس يُفكرون بمنقذ ينقذ هذا الشعب من أزمته، التي كان يعيشها. إن عملية سقوط الصنم، على الرغم من أنها مفرحة، إلا أنني وبعد يومين من اسقاط النظام حزنت، بسبب سرقة، وحرق المتحف، والمكتبة الوطنية العراقية، وغيرها من المؤسسات. وقلتُ: لا يتم تحرير العراق من خلال نهب تراثه، وحضارته. هكذا كانت عملية سقوط النظام – بالنسبة لي- مزيجا من الأمل، والألم. - سيادة الوزير، هل كنت تتوقع سقوط الصنم، وتحرير العراق؟ الوزير : نعم؛ فلولا هذا التوقع، ولولا هذا الأمل لبطل العمل. فلو كنا لا نتوقع من هذا النظام أن يسقط لتوقفنا عن العمل. ولم نتوقف عن العمل لسببين: الأول : المعطيات السياسية كانت تقول إن هذا النظام سيسقط، وسقط. الثاني : المعطيات الإيمانية، ووعد الله للمؤمنين بالنصر، وإن الله لا يعطي للنظام وقتا غير محدد، لذا سينتهي حتما. نحن كنا متسلحين بدعم الله، وهو السند، وطالما إن السند موجود وقوي، فهو يشعرنا باننا نستند الى قاعدة قوية. إن الله (سبحانه وتعالى) معنا، وإنْ طالت المحنة، وإنْ طال الألم الذي كان يعاني منه الشعب. إن المعطيات السياسية كانت تشير إلى أن النظام فقد مبرر وجوده، ولا يحتاج سوى إلى ضربة، وجاءت الضربة، ولكن من جهة أخرى، فقد كان بودنا أن يكون الشعب، هو الذي يسقط هذا النظام، ويُحقق إرادته بنفسه.
- هل كنتم تطمحون – دكتور فلاح - إلى نيل وزارة التربية، أو أي وزارة أخرى؟ الوزير : الحقيقة، عندما جئت إلى الجمعية الوطنية لم أكن أفكر إلا بأنني سأسهم في صياغة الدستور. وهذه كانت أمنية الكثير من الناس. حيث سيذكر في التاريخ: أن هذه الجمعية هي التي صاغت دستور العراق الدائم. عندما جئت، والتقيت باخواني، عُرِضَت عليّ وزارة التربية، حيثُ تمَّ اختياري من قبل الدكتور الجعفري - وهو متفضل في ذلك ومتكرم، وأنا أتشرف بخدمة السيد (أبو أحمد)؛ لأنه أخي وصديقي، ونحن رفاق درب - فتقبلتُ هذا الأمر، وهيأت نفسي لذلك. لقد انسجمت بعد ذلك، مع جو وزارة التربية، وبدعم إخواني، وخصوصا السيد الجعفري؛ عملت بكل همة، وإخلاص بعد الاستعانة بالله (سبحانه وتعالى)، عملنا في هذه الوزارة بكل همة وحماس، فنجحنا، وتحققَ لنا ما تحقق. - وكيف كان الأمر مع وزارة التجارة، معالي الوزير ؟ الوزير: مع وزارة التجارة كان الأمر مشابها؛ فلم أكن أُفكرُ في وزارة التجارة، وكنت أود الاستمرار في وزارة التربية؛ ولكن الوضع السياسي في البلد، توجبَ أن أستجيب للتغيير. وأنا مستعد للخدمة في أي مجال. وصحيح قد تكون وزارة التجارة عالما غريبا، يختلف كثيرا عن عالم وزارة التربية؛ ولكنه أيضا مهم. خصوصا في ما يتعلق بالبطاقة التموينية. والبطاقة الآن تشمل كل الشعب. كنت أظن أني في وزارة التربية مسؤولٌ عن ثلث الشعب، أما الآن فأنا مسؤولٌ عن كل الشعب العراقي، من جهة توفير الغذاء اليومي. وإن شاء الله، سأكون بمستوى هذه المسؤولية، وأرجو من الله أن يساعدني، فلا ازال أشعر بالرهبة، تجاه هذا الموضوع. - سيدي الوزير، هل وجدتم مشاريع من الوزارة السابقة حاولتم إنجازها؟ وهل تركتم أنتم مشاريع - لمن يأتي بعدكم - كنتم تتمنون إنجازها؟ الوزير : باعتقادي، أن الوزير في دولة المؤسسات لا يجوز أن يبدأَ من الصفر، وإنما عليه أن يُكملَ عمل من سبقه. هذه قاعدة معروفة، وأنا عملت بها في وزارة التربية. حينما تسلمتُ الوزارة، كان قبلي الدكتور (علاء العلوان)، وبعده الدكتور (سامي المظفر)، وقد بذل الاثنان جهدا كبيرا، حينما جئتُ، اطلعتُ على المشاريع التي قاموا بها، والأخرى التي تحتاج إلى إكمال. قلتُ في نفسي: سأبدأُ من حيثُ انتهوا. وبالفعل هناك مشاريع مساعدات خارجية، وبناء مدارس، وتأهيل وتدريب كوادر، وطباعة كتب، وغيرها.. أنا أكملت الطريق، ولدي مشاريع كثيرة تتعلق بالمناهج، وانا متحمس لهذا الموضوع، حيث عملنا عليه، ونظَّـمنا عدة مؤتمرات بشأنه. - ماهي الآلية التي تمت من خلالها، عملية استلامكم الوزارة، دكتور فلاح؟ الوزير : حينما جئت لوزارة التربية، كانت هناك أولويات في العمل، وكذلك في وزارة التجارة كانت هناك أولويات، ولابد لأي وزير من أن يهتم بها حينما يأتي، فقد تكون لا تحتمل التأجيل. فمن الأولوليات التي كانت موجودة حينما جئت إلى وزارة التربية هي: الامتحانات، وطباعة الكتب, والمناهج، وتدريب المعلمين ... إلخ فبدأت بالمشاريع الأكثر الحاحا، ومنها الامتحانات، وقد تشكلت الحكومة قبل أيام قليلة من الامتحانات. وتمت الامتحانات بشكل جيد، وطبعت الكتب، وصممت أن تُعطَى الكتب، والقرطاسية من بداية السنة الدراسية فتحقق ذلك. والآن لدينا مشاريع راهنة، ومستقبلية، وهناك مشاريع كثيرة سيكملها الوزير الحالي الأخ العزيز الدكتور (خضير الخزاعي) بمرور الوقت إن شاء الله. - معالي الوزير، هل هناك إنجازات معينة تمت خلال ترؤسكم لوزارة التربية؟ الوزير : أعتقد أن أهم الانجازات التي تحققت هي النقلة الجيدة في مجال تأهيل المدارس، وبنائها. فقد كان لدينا مشروع يتعلق ببناء 297 مدرسة خارح بغداد، و85 مدرسة داخل بغداد. وأنجزنا الكثير من مشاريع البناء، حيث أكملنا تقريبا 3000 مدرسة حيث قمنا بأعمال تتراوح بين: تصليح، وتأهيل، وبناء مدارس مدمرة. ودربنا ما يقارب 15 إلى 20% من الكادر التعليمي. وعندما جئتُ للوزارة، وجدتُ 30 مليون دولار مساعدة من أحدى الدول العربية لبناء مدارس، و100 مليون دولار من البنك الدولي لطباعة الكتب، وتأهيل وتصليح المدارس. الآن لدينا مبلغٌ يزيد على 260 مليون دولار، هي عبارة عن قروض ميسرة، ومنح من مؤسسات دولية، وبعض الدول لمساعدتنا في بناء المدارس. نستطيع الان بناء ما يقرب من 400 إلى 500 مدرسة، خلال (العام المقبل 2007 أو 2008)، فالمشاريع كما هو معروف تحتاج إلى وقت طويل. أما في مجال المناهج، فقد حققنا نقلة جيدة، حيث بدأنا ندرسُ بجدية وضع المناهج، والتي لا تشمل الكتب فقط، بل أساليب التدريس ايضا، حيث عملنا على تحديث المعلومات، والكتب، وإدخال التقنيات الحديثة مثل الحاسوب وغيره. - ماهي الأمور التي اتخذتموها، في موضوع المناهج الدراسية التي امتدت اليها يد النظام البائد؟ الوزير : إن موضوعَ المناهج موضوع واسع، وهو لا يعني الكتب فقط، وإنما الكثير من الأشياء من تأهيل المعلم، إلى المدرسة، إلى الكتب... إلخ. الضرر الذي أحدثه النظام البائد، هو التخلف في عرض المادة العلمية، وتقديمها، وعدم تحديثها بالوسائل العلمية. لقد كان النظام يعطي لموضوع الكتب، في الخمس عشرة سنة إلى العشرين سنة الماضية، اهتماما كبيرا. قبل الحرب العراقية - الايرانية في بداية الثمانينيات، كان يوجد اهتمام كبير بالتربية، وكانت نسبة الأمية ضئيلة في العراق؛ لكن بداية الثمانينيات الى نهاية التسعينيات، ارتفعت نسبة الأمية في العراق؛ لذلك لجأنا إلى عملية تحديث شاملة للمناهج، وغيرنا التي كانت تحث على العنف، والجريمة والتمايز بين أبناء الشعب، والتي تحث على التفرقة المذهبية، والدينية. هذه العملية ليست سهلة، وهي ليست مسألة طرح شعارات؛ ولكن تحقيقها في كتب منهجية، متوازنة، ومقبولة من الشعب العراقي عملية صعبة جدا، وتحتاج إلى مراجعات كثيرة، وأخذ آراء مختلف الناس؛ حتى نطرحها أمام أولادنا بطريقة توجههم في الاتجاه الصحيح؛ لكي يكونوا لبنات قوية، من اجل بناء هذا الشعب، لا أن يكونوا أداة لهدم المجتمع. وهدف وزارة التربية هو: تأهيل هذه الأجيال، لكي تكون فاعلة في المجتمع، وتقدم له الخدمة المطلوبة. - معالي الوزير، هناك من يقول: توجد مشاكل في التخصيصات المالية بخصوص طباعة الكتب، كيف تجاوزتم تلك المشاكل؟ الوزير : في الميزانيات السابقة، لم توضع تخصيصات لطباعة الكتب، وقد وضعت تخصيصات قليلة، من اجل طباعة الكتب، لا تسد إلا ربع الحاجة. ولكن الاعتماد كان على المؤسسات الدولية، كاليونسكو، واليونسيف، والبنك الدولي، حيث كانت تلك المؤسسات، هي التي تتولى في العامين الدراسين 2004 - 2005 و 2005 - 2006 طباعة الكتب. لكن، كنت اسمع من المنظمات، وبعض الجهات التي أطالبها بالمساعدة في طباعة الكتب، انهم يقولون: أنتم بلد غني، فكيف لا يستطيع أن يوفر 40 مليون دولار لطباعة كتب لطلابه! هذا شيء غير مقبول. اما في سنة 2006، فقد وضعت تخصيصات كافية من الميزانية لطباعة الكتب. - دكتور فلاح، هل طبعت الكتب المنهجية، داخل العراق أو خارجه؟ الوزير : عندما كانت المنظمات الدولية تساعدنا في الطبع، كانت تطلب منا ان نخضعَ العقودَ للمناقضة، والمنافعة، وهذا الأمر يشمل المستثمر العراقي وغيره، وكل من يقدم عرضا مقبولا، لذا فقد تكون المطبوعات عراقية، أو غير عراقية. نحن نعمل على أن نستعيد وضعنا، من اجل تشجيع طباعة كتبنا في مطابع عراقية، ولكن مع ذلك نحن ملتزمون بآلية العقود مع الشركات غير العراقية. لكن مع الأسف، عادة ما تأتي شركات غير عراقية، وتعطي عروضا أرخص، وربما بنوعية أحسن، وبالتالي تتم الموافقة عليها. أما الآن فنحن نُشجعُ الطباعة العراقية على أن تدخل هذا الميدان، فهذا جزء من تنمية البلد. ونحن سائرون على هذه الطريق. - سيادة الوزير، هل كان لاجتماعات مجلس الوزراء، اثرُ ايجابي في تطوير عملكم داخل الوزارة ؟ الوزير: في الحقيقة، إن مجلس الوزراء، وخلال اجتماعاته، كان يُناقش قضايا البلد عموما، ومن تلك القضايا أو الملفات، قضايا وزارة التربية. وطبيعي أن مهمة مجلس الوزراء، تسهيل عمل الدولة، وتشريع القوانين، واتخاذ القرارات التي تجعل عمل الدولة يسيرا. وأنا عرضت عدة قضايا على مجلس الوزراء، ولم ألقَ إلا ّالمساندة والدعم، فقد تم إدخال الحاسوب إلى المدارس، وأعطانا مجلس الوزراء مليارا وستمائة مليون دينار، لدعم التعليم في المدارس. هذا كان أحد أنواع التشجيع من قبل مجلس الوزراء. وأعتقد أن مهمة مجلس الوزراء هي دعم الوزارات، وخاصة الخدمية منها مثل: وزارة التربية. - دكتور فلاح، ما هي الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية، بخصوص موضوع المفصولين السياسيين؟ الوزير : لقد أعددنا مشروعا يتضمن توظيف، وإعادة تعيين ذوي الشهداء، والمفصولين السياسيين، واستطعنا الحصول على تمويل مالي من وزارة المالية. لقد أعدنا ما يقارب الـ 30 ألفا من ذوي الشهداء، وكان لنا دور في امتصاص البطالة، وتوفير فرص العيش للشباب، وخصوصا من ذوي الشهداء. - كيف تقيمون، معالي الوزير، عمل الحكومة الانتقالية خلال الزمن القصير الذي تولت فيه المسؤولية؟ الوزير : الحكومة الانتقالية حققت انجازات كبيرة، في المدة القصيرة التي اعطيت لها، وهي ما قارب السنة. في هذه المدة القصيرة، تحققت انجازات كبيرة، مثلا : على الصعيد التشريعي، تم اجراء ثلاث دورات انتخابية في عام 2005 : الأولى: كانت لانتخاب الجمعية الوطنية، التي أدت الى تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري. الثانية: التصويت على الدستور، في منتصف تشرين الأول من نفس العام (2005)، وهذا إنجاز كبير، وهو أن يوافق الشعب على دستور دائم لم يحظ به منذ سنوات، وعقود طويلة. الثالثة : هي الانتخابات النيابية، التي اعتمدت الدستور مستندا لها، وتمت في منتصف كانون الاول من عام 2005. الحكومة الانتقالية، قدمت الكثير من الخدمات، مثل الكهرباء التي تعرضت الى هجمات من قبل الإرهابيين، وأعداء الشعب العراقي، كما وفرت الحكومة النتقالية البطاقة التموينية، والآن يوجد مخزون من الغذاء في مخازن الدولة، يؤمن احتياجات البطاقة التموينية، وعندما جاءت الحكومة الانتقالية، كانت المخازن شبه فارغة من كثير من المواد الأساسية، وقد واجهنا في بداية الأمر أزمة، ولكننا استطعنا أن نتجاوزها. الحكومة الانتقالية، استطاعت أيضا أن تطفئ ديون العراق التي وصلت إلى ما يقارب 40 مليار دولار، حيث استطاعت أن تتفاوض مع بعض الدول لتقليل الديون. كل تلك الانجازات الكبيرة، تمت في حكومة الدكتور الجعفري. هكذا تحققت الانجازات على الصعيد الامني، والاقتصادي، والخدمي والدستوري، والتشريعي. وإن هذه الحكومة الحالية، هي ثمرة الحكومة الانتقالية، التي أسست لكثير من الانجازات التي ستحصل فيما بعد. إن حكومة الجعفري – كما اعتقد - ستُذكرُ في التاريخ، فهو (الجعفري) من خلال شخصيته، وحضوره، وأدائه أصبحت له شعبية بين الناس، ولذلك حققت الحكومة الانتقالية، إنجازات مهمة، في فترة قياسية. - ماهي أهم المعوقات التي كانت تواجه الحكومة الانتقالية؟ الوزير : المشكلة الأمنية كانت المعوق الكبير، لنجاح هذه الحكومة، ولتحقيق إنجازات أكبر. المعوق الآخر: الوضع السياسي في البلد، فقد كان هناك اعتراضات من الكثير من الناس الذين عرقلوا الوضع السياسي، كذلك لا ننسى الامكانيات المالية للبلد؛ فصحيح أن الدولة وفرت بعض المال، بسبب ارتفاع موارد النفط، ولكن محدودية الموارد المالية، لم تساعد في إنجاز الكثير من الأعمال، التي كانت تطمح هذه الحكومة إلى تحقيقها. وأقول: إن حكومة الجعفري، قد واجهت صعوبات كبيرة، واستطاعت أن تجتاز هذه الصعوبات، والعقبات بجدارة. - هناك أحداث خطيرة، حدثت في فترة الحكومة الانتقالية مثل: أحداث تلعفر وسامراء، فكيف تعامل الدكتور الجعفري مع هذه الاحداث؟ الوزير : أزمة مثل أزمة سامراء، ربما تؤدي في أي بلد آخر إلى حرب بين الناس، وكذلك حادثة (جسر الأئمة) وغيرها، يمكن أن تحدث شرخا كبيرا في المجتمع، ويمكن أن تتسبب في اندلاع حروب لها بداية وليس لها نهاية. ولكن حكمة هذا الرجل (الجعفري) وأداءه، وتصرفه، في الوقت المناسب حال دون وقوع الأسوأ، حيث تمكن من تجاوز ازمات سامراء، وتلعفر وغيرها. لقد تمكن الدكتور الجعفري بحكمته من اجتياز هذه الصعوبات، واستطاع أن يخرج بقليل ٍمن الخسائر. - معالي الوزير، هل العراق بحاجة إلى حكومة تكنوقراط؟ وهل يمكن تحقيق ذلك؟ الوزير : في وضع العراق الحالي، صعب أن تؤلف حكومة من الاخصائيين التكنوقراط؛ ولكن من المحبذ، والمرغوب به ان يكون الوزراء أصحاب اختصاص، أو من المؤهلين لأداءٍ جيدٍ في وزاراتهم. أنا لا أميل إلى استخدام الإنسان الأكاديمي المستقل؛ لأننا نعيش في وضع سياسي نحتاج فيه إلى الإنسان السياسي، الذي يقود الوزارة بصورة مناسبة. وفي الوقت نفسه، لا أميل الى أن يكون الشخص سياسيا فقط في الوزارة، وإنما لابد من أن يمتلك المؤهل، والاختصاص الذي يؤهله لإدارة الوزارة. وفي رأيي، إن ظرفا مثل ظرف العراق، لا يمكن الإتيان فيه بحكومة تكنوقراطية، أي: حكومة يقوم بها ذوو الاختصاص فقط، ولايمتلكون ميولا سياسية. فاذا لم تكن لديه فرصة سياسية، أو اتجاه سياسي معين، يصعب أن ينجح هذا الإنسان؛ لانه يحتاج الى حكمة السياسي، وخبرة الاكاديمي، ويتصف بالحكمة، والعقلانية. - ماهو انطباعكم، دكتور عبد الفلاح، عن أول اجتماع لمجلس الوزراء وآخر اجتماع للمجلس؟ الوزير : بالنسبة لاول اجتماع، كل انسان لم يعش الحكومة، وتجربة الوزارة، يشعر أنه في وضع غريب، وفي وضع غير مألوف. صحيح، نحن ألفنا الاجتماعات، واللقاءات، وبحث الامور، ولكن على مستوى ادارة البلد، وادارة الدولة، شعرنا انها مسؤولية كبيرة، حيث يشعر الانسان بالشعورين: شعور الرهبة، وهو المسؤولية الكبيرة، وعليه ان يتحمل هذه المسؤولية. وشعور الرغبة، ويعني: انه فسح له المجال، لعمل شيء. اما الاجتماع الاخير، فقد كان مخصصا للتعبير عن مشاعر الوزراء، تجاه السيد الجعفري، والحكومة. وكلهم بدون استثناء (الوزراء ونواب رئيس الوزراء) معجبون بهذا الرجل (الجعفري) ويحترمونه، وهو يستحق هذا الاحترام، وكان لدي كلمات تحدثت بها مع اخي، وعزيزي (ابو احمد) وانتهى الموضوع، وكان ملئي مشاعر طيبة، للدكتور الجعفري، واحاسيس اخوية، حيث يشعر الانسان ان هؤلاء الناس هم اخوان، واخوات له في مجلس الوزراء، الذي كان مجلسا أنموذجيا، لم نشهد فيه اي مشادة كلامية حقيقية، وأنا مسؤول عن هذا الكلام. - معالي الوزير، كيف تقيم العلاقة مع الدكتور إبراهيم الجعفري؟ الوزير : إن علاقتي بالجعفري، لم تبدأ بالوزارة، ولن تنتهي بالوزارة، فقد بدأت منذ ربع قرن، حينما التقيت به عام 1982 في ايران، وكان لدينا مؤتمر لحزب الدعوة، حيث التقينا به، وكان نعم الاخ. ثم جاء الجعفري الى بريطانيا، حيث عاش اكثر من 14 سنة معنا، عاش وعشنا معه، وعملنا سوية، ثم بعد ذلك تشكلت الحكومة، وبقي معلما، نسمع منه العبر، والحكم، حيث لا اسمع منه الا النصيحة، والاخوة الصادقة. (ابو احمد، اي: الجعفري) يستحق كل تكريم، وهو قائد، ومعلم، ويبقى كذلك. التقيت به في اواخر عام 1987 او بداية 1988 ايضا في مؤتمر الدعوة في ايران، وكان لقاء قصيرا مع الاسف، وبعد ذلك جاء الى لندن في عام 1989، حيث جاء للعيش هناك اواخر عام 1989 او بداية عام1990، واستمر كذلك الى سقوط نظام صدام في 2003. خلال فترة التسعينيات، كانت علاقتي به اخوية، وعلاقة عمل، وصلة. وفي بعض الاحيان، تتكثف اللقاءات، وبعض الاحيان تتباعد، ولم تؤثر هذه الاشياء في حبي لهذا الرجل، وفي تقديري لكفاءته، فهو رجل بسيط، ومتواضع مع الناس، وانا استفيد منه فائدة كبيرة. - معالي الوزير، يُتهمُ الدكتور الجعفري بالانفرادية في اتخاذ القرارات، ماذا تقولون في ذلك؟ الوزير : الانفرادية بمعناها المجرد، هذا ليس صحيحا، ولكن القائد لابد من ان يتخذ في بعض الاحيان قرارا قياديا - إن شئت أن تسميه- والقائد لابد من أن يتخذ قرارات، وإلا لا يمكن ان يكون قائدا. الجعفري كان يستشير، وكان يستمع إلى الرأي الآخر، وكان يتأخر في القرار على كثير من الاشياء، ثم يتخذ قراره، وهو كقائد في حزب الدعوة، وكقائد للبلد حين تولى رئاسة الوزراء، كان لابد ان يتخذ قراره، وهذه مسؤوليته، وليست انفرادا. كيف كان يتعامل الدكتور الجعفري مع الوزراء، وخاصة وزراء الكتل التي اختلفت معه؟ الوزير : تعاملُ الدكتور، هو تعامل الحب، والمودة، والاخاء، والاستعداد للمساعدة دون تمييز، مع من هو مختلف معه، أو متفق. لم يكن يميز على هذا الاساس، وكان يتمتع بخلق رفيع في التعامل. صراحة، الجعفري مدرسة في هذا المضمار، اي: في تعامله مع اخوانه واخواته الوزراء، والناس، وفي علاقته مع الشعب بمختلف طبقاته، كان يتمتع بهذا الخلق الرفيع، وهذا التواضع الجم، الذي قد لا يراه الكثيرون، ولكن الناس القريبين من هذا الرجل، على دراية بهذا التواضع. - برأيكم دكتور فلاح، ماهو الدور الذي يمكن ان يلعبه الدكتور الجعفري، في المرحلة الحالية، للعراق وشعبه؟ الوزير : إن دور الجعفري كقائد لابد من ان يستمر، ربما اختلفت المهام، والادوار اختلفت، لكن القائد يبقى قائدا، ويبقى رجل الدولة رجل دولة، وإن اختلفت اعماله؟ إن أمام الجعفري مهمة كبيرة، هي خدمة هذا الشعب، وهو رجل مدرك تماما أكثر من غيره لمهمته، ومسؤوليته، وربما يعبر عنها، ويمارسها كنائب، وقائد، وانسان يعيش في قلوب الناس، وإن العلاقة بين الجعفري وشعبه، ستثمر ثمرة كبيرة لهذا البلد. - معالي الوزير، هناك عبارات نود ان تعلق عليها بعبارة واحدة. - البصرة. الوزير : مدينة العطاء، ومدينة النشأة، ومحط العز. - الدكتور الجعفري. الوزير : أخ عزيز، وقائد كريم، ومعلم كبير. الشعب العراقي. الوزير شعب حضاري كريم، يحقق المعجزات، ويحتاج الى الرعاية والاهتمام. الفيدرالية. الوزير: قد تكون خيارا كبيرا للشعب العراقي، الذي عليه أن يجتاز طريقه، ولكن بدراسة، ووعي، وإدراك حتى تنجح هذه التجربة. البطاقة التموينية. الوزير: مازالت أساسا مهما لغذاء الشعب العراقي، وتبقى كذلك، وإن كنا نفكر بتغيير اتجاهها لفائدة الناس بشكل اكثر. العراق. الوزير: بلد العظمة، والحضارة، والتاريخ، والعطاء، وبلد الحسين (عليه السلام) وبلد علي بن ابي طالب (عليه السلام) وبلد الشهداء والصالحين، وهو البلد الذي ستنطلق منه حركة اصلاح المجتمعات جميعا.
في ختام هذا الحوار، نشكر معالي وزير التربية في الحكومة الانتقالية، الدكتور عبد الفلاح السوداني، على سعة الصدر والصراحة. الوزير: شكرا لكم، وحياكم الله.