عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: علي البهادلي وزير الزراعة الخميس 19 نوفمبر - 23:53
السلام عليكم، أيّها السادة ومرحبا بكم من جديد في حوار آخر مع وزير في الحكومة الانتقالية. ضيفنا في هذا الحوار هو الدكتور علي البهادلي وزير الزراعة في حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري، نتحاور معه لنسلطَ الضوء على محطات من حياته الشخصية وعمله داخل الوزارة، والإنجازات التي قامت بها وزارة الزراعة في الحكومة الانتقالية، كما نتطرق إلى أهم المشاكل و المعوقات التي واجهته في الوزارة، وكيف كانت علاقته بأقرانه من الوزراء .
- ابتداء معالي الوزير نود أن نتعرف على نبذة مختصرة عن حياتكم الشخصية ؟
الوزير : ولدت وعشت في قرية البهادلية، وهي إحدى القرى القريبة من مدينة كربلاء. والبهادل هم عشيرة كبيرة في العراق، موزعة من منطقة عقرقوف إلى جنوب العراق. وقسم منها يوجد في بعض الدول العربية.وقبيلة البهادل لها تأريخ عريق مع القبائل العربية، وهي جزء مهم من القرية التي عشت فيها . ذهبت إلى الدراسة في المدينة، تخرجت في مدرسة الفيصلية الابتدائية التي تغيّر اسمها فيما بعد إلى متوسطة العزة ثم اعدادية العزة. ونظرا لتفوقي في الدراسة حصلت على معدل ( 90 ) وقد كان هذا المعدل عاليا جدا بحيث أهلني للقبول في كلية الطب . وقبولي في كلية الطب لم يَرُقْ لوالدي في حينها. ووالدي كان يمثل رأس العشيرة في تلك المنطقة، ونحن نمتلك أراضي ولازالت تلك الأراضي والبساتين قائمة لهذا الحين .
- دكتور، هل هذه القرية في محافظة كربلاء ؟
الوزير : نعم، وتقع على أحد فروع نهر الحسينية الذي يصب في نهر الهندية. وحدودُها تبدأ من شارع العباس من المقبرة القديمة ونهايتها تقع في المقبرة. عندما تخرجت في الاعدادية وكنت من الاوائل، قُبلتُ في كلية الطب إلا ّأن والدي كان يقول لي عندما أعود إلى كربلاء بعد قضاء أسبوع في بغداد: تمنيتُ أن تكون محاميا أو زراعيا حتى تخدم هذه الارض . وهكذا تغيَّر رأيي، فبعد سنة غيرت اتجاهي وذهبت إلى كلية الزراعة. وعندما تخرجت فيها وكنت من الاوائل أيضا، عُيِّنْتُ مُعيدًا في الكلية حيث زاولت التدريس. وبعد سنتين سمح لنا بالتسجيل لدراسة الماجستير ونحن طلبة أو نحن مدرسين؛ فوفقت بين كوني مدرسا وكوني طالبا. حصلت على الماجستير في سنة 1970. وفي بداية عام 1971 حصلت على بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الدكتوراة في اختصاص أمراض النبات ..كان اختصاصي بكلوريوس وقاية النبات وماجستير في أمراض النبات. سافرت إلى كاليفورنيا في جامعة كاليفورنيا وهذه الجامعة معروفة فهي من الجامعات العشر الأوائل في أمريكا، وفيها 12 مركزا موزعا في جميع أنحائها، حيث كان حتي الدراسي في مركز يبعد 60 كيلو مترا عن سان فرانسيسكوا. لقد وُفِّقتُ في دراستي حيث كنت متميزا فحصلت في أول فصل دراسي على درجة عالية في أحد الدروس المهمة في الأمراض؛ ونتيجة لذلك طُلِبَ مني أن أُدرِّسَ هذه المادة هناك؛ فبقيت أُدرّسها لحين تخرجي، وقد عدت من الجامعة عام 1975 .
- سيادة الوزير، أ هي فترة خمس سنوات تقريبا ؟
الوزير : لا، في الحقيقة أربع سنوات بقيت فيها، وعندما عدت في عام 1975 إلى بيروت حدثت مفارقة، عندما عدت لها في شهر أيلول بدأت الحرب الأهلية في لبنان. فصرنا نفكر بالخروج فوفقنا إلى ذلك، وعلى وجه السرعة رجعت الى بغداد في وقت كنت لا أزال منتسبا إلى جامعة بغداد في كلية الزراعة، فعدت وباشرت في يوم 16 / 9 / 1975. بدأت حياتي الأكاديمية في جامعة بغداد في كلية الزراعة في ( ابو غريب )، حيثُ قمتُ بالتدريس والإشراف على طلبة الماجستير لغاية عام 1981. إذ تخرج على يدي العديد من طلبة الماجستير متنوعي الاختصاصات، والموضوعات الزراعية التي لها جانب مهم في القطاع الزراعي . في ذلك الوقت بدأت الحرب العراقية - الإيرانية وكنت مرشحا إلى الذهاب الى الجزائر ضمن بعثة، فذهبت، وبقيت هناك مدة ثلاث سنوات، عندها عدت إلى بغداد للجامعة نفسها، حيث استأنفت العمل من جديد . والذي حصل – فيما بعد - أنه كانت لدي رغبة في افتتاح مكتب استشاري للزراعة، وقد افتتحت هذا المكتب مع اثنين من اخواني الزراعييـن. وطبعا ألغينا الخدمة الجامعية في حينها. ووفقنا في إدارة المكتب، حيث قمنا بمشاريع مهمة في القطاع الزراعي، وقدمنا استشارات في جوانب متعددة للدولة، إذ قدمنا استشارات لوزارة الصناعة وتحديدا في جانب التصنيع، وفي القضايا الزراعية، وفي مشاريع خاصة وعامة. ومضيت في هذا العمل مُوفـقا بين كوني أستاذا في الجامعة، وبين كوني أعمل استشاريا لحساب القطاع الخاص. ولظرف معين كان لابد لي من الذهاب خارج العراق لغرض العلاج؛ فتأخر سفري لاني منعت من ذلك بسبب كوني أستاذا ، حيث حصلت على ( لقب الأستاذ ) في وقت مبكر، وكان ممنوعا على الأستاذ أن يغادر .. وأخيرا حصلت الموافقة على سفري . وقبل ذلك أذكر أن شخصا في الأردن قام بانشاء مزرعة صغيرة للنخيل في غوار الاردن، وعندما بدأت تثمر، أصيبت بمرض فتاك أباد قسما منها وأوشك أن يحرق المزرعة بالكامل. فـتم نصح ذلك الشخص بأن يأتي إلى العراق ويقابلني لأعطيه رأيي في معالجة مزرعته. وعندما حضر ذلك الشخص عندي – قبل سفري – وصفت له العلاج وقلت له: لا تعدموا أي شجرة، والعلاج سوف يُنهي الإصابة، وفعلا حصل الذي حصل وشوفيت المزرعة . وحين سافرتُ إلى الخارج وبالتحديد إلى فنزويلا حيث كان أخي وابني موجودين هناك، فسافرتُ للعلاج وبقيت هناك لمدة أنا وزوجتي. وفي الحقيقة مدة العلاج اقتربت من أن تتجاوز الاجازة التي مُنِحَتْ لي وهي مدة شهرين، فقررت الرجوع إلى الأردن، وبقيت مع هذا الرجل ( صاحب المزرعة ) وقمت بعمل الكثير في الاردن من عام 1995 إلى 2005 وعندما عدت، أنشأت مزارع نخيل وأشرفت بنفسي عليها في الاردن حيث لم تكن معروفة في هذا البلد.
- أستاذ علي، هذا يعني أنكم بقيتم طيلة هذه الفترة في الأردن ؟
الوزير : نعم.. بقيت في الاردن حتى سقوط النظام، وعدت الى العراق بعد أن أنشأتُ مزارع متنوعة في الاردن من مزارع نخيل، وفاكهة، وقمت بتطوير زراعات خضر ومشاريع إنتاج تقاوي البطاطا. وخلال عملي هذا استعنت بعراقيين، استعنت بأكثر من 120 عراقيا . عندما عدت كانت إحدى المزارع تنتج 1500 طن من التمور نوع ( برحي ) وكانت من الأصناف الرائعة التي تسوق إلى دول الخليج. في تلك الفترة اعتمدت على خبراتي واختصاصي في هذا الجانب وعملت براءات اختراع، حيث أنشأت معملا لانتاج مبيدات آمنة بيئيا رفيقة بالبيئة وغير كيمياوية، والتقيت مع مجموعة من الاختصاصيين الألمان الذين كانوا يعملون في معهد الزراعة الأردنية، وقد اُعجبوا بعملي، ثم حدث نوع من التعاون في إنتاج مادة المبيد. وحين ظهرت مشكلة كبيرة في النخيل في العالم العربي والآسيوي، وهي عبارة عن آفة موجودة تقتل ملايين النخيل، لم يتمكن أحد من إيقاف هذه الآفة ولا زالت تكلف الملايين من الدولارات كخسائر إلا ّأنني استطعتُ أن أحمي المزارع التي كانت تحت إشرافي ضمن هذه المناطق الموبوءة. وقد سجل هذا الإنجاز لي بصفة ( براءة اختراع ). وأذكر أنه في الإمارات العربية طلب مني أبناء الشيخ زايد -رحمه الله- أن أتعاون معهم في الأراضي الزراعية التي يمتلكونها فصنعنا لهم المبيد بطريقة ناجحة مائة في المائة، للقضاء على آفة صعبة جدا . فسجل لي ذلك كحماية فكرية. كذلك زاولت في الأردن نشاطا آخر وهو تصنيع نوع من الأسمدة مبنية على قاعدة علمية دقيقة، وعندما طلب مني أن أعود إلى العراق، تركت كلَّ هذه المصالح وجمّدتها وعدت إلى العراق.
- دكتور، وصلنا بالحديث عن المرحلة التي تم فيها الاتصال بك؛ من أجل عودتك إلى العراق ودخولكم في العملية السياسية. هلا تحدثتم لنا عن هذه المرحلة ؟
الوزير : في الحقيقة طـُلِبَ مني أن أحضر إلى العراق للمشاركة في المسيرة التي يمر بها الآن، وهي مسيرة جديدة تتطلب وقوف الكفاءات المخلصة فيها لتسهم في بناء البلد، وقد كان هذا هو التوجه العام الذي دفعني إلى الدخول والعمل في وزارة الزراعة . لقد اعتبرتُ أن هذا العمل هو نوع من التكليف والواجب، كما دفعني إلى العمل الخبرة التي استطعت ان أبنيها وأجمعها من خلال عملي الماضي في العراق، والجزائر، والأردن .. وطول تلك المدة كنت آمل أن أواصل عطائي وتقديم خبرتي في العراق. وبالفعل عندما أُعلِنت الحكومة، وأصبحتُ جزءا منها باشرتُ بعملي في وزارة الزراعة. كان أمامي مهام كثيرة عليَّ إنجازها، على الرغم من الفترة الانتقالية القصيرة التي هي ستة أشهر، ومن بعد الستة أشهر يعتبر ما تبقى تسيير أعمال، لكن علينا أن نضع الأساس لمستقبل الزراعة في البلد. وكما هو معروف فإن الزراعة في العراق مرّت بمراحلَ كثيرةٍ، وتذبذبت بين كونها زراعة بمفهومها الزراعي، ومفهومها بكونها زراعة ري إلى إصلاح زراعي، إلى غير ذلك، ثم أصبحت من الوزارات المنتجة الكبيرة المسؤولة عن غذاء الشعب في وقت من الأوقات . أعطيك مثالا : كانت مزارع الدولة الكبيرة الواسعة تسهم في إعداد الحبوب، والبقول وتقدمها إلى الشعب، وكانت حقول المواشي الكبيرة، والمحطات العملاقة للابقار والدواجن تُدارُ من قبل الزراعة، كذلك مجازر اللحوم والمخازن المبردة الاستراتيجية كانت في يد الزراعة، وأيضا العلاوي الشعبية وعلاوي التسويق لاستيراد الخضر كانت بيد وزارة الزراعة أيضا. لكن في يوم وليلةٍ صار القرار أن تُجردَ الدولة العراقية من كل ممتلكاتها، وان تسلم ممتلكاتها للقطاع الخاص أي: تُباع إلى مجموعة من الأسماء، وهكذا انحلت الزراعة، وأصبحت تتخلى عن كل هذه الممتلكات. ثم صدر أمر في تشكيلها على أنها وزارة خدمية تقدم خدمة للمنتجين.
- هذا في زمن النظام السابق، معالي الوزير ؟
الوزير : نعم.. في عام 1987 باعت الوزارة كل ممتلكاتها، ولم تبق سوى ممتلكات بسيطة، وهي عبارة عن مزارع أُجرت لامد طويل ولازالت مؤجرة، والآن واجب وزارة الزراعة الرئيسي هو تقديم الخدمات.
- ما هي هذه الخدمات؟
الوزير : مثلا : أن تقدم الوزارة خدمات استشارية، وتوفير تجهيزات زراعية، فضلا عن تقديم خدمة الارشاد.
- ما هو الإرشاد، دكتور علي؟
الوزير : الارشاد يستلزم وجود قاعدة بحثية تعمل، وتستنبط المعلومات المفيدة من خلال البحوث. مثلا : نبحث في مجال أصناف الرز، ونجد أن هذا الصنف يلائم هذه المنطقة من حيث الانتاج، بعد ذلك يتم نقل هكذا معلومات إلى المزارعين، كذلك يتم إرشادهم نحو كيفية استخدام الآلات الزراعية، وكيفية استخدام المبيدات وأجهزة البستنة الأخرى .. وهكذا صارت الوزارة تقدم خدمات متنوعة في مجال الإنتاج النباتي، والثروة الحيوانية.
- سيادة الوزير، ماذا هيأت لكم التشكيلة الوزارية التي سبقتكم، وكيف وجدتم الوزراة بعد استلامكم لها؟
الوزير : في الحقيقة - يجب التكلم بكل أمانة - لم تكن الوزارة بالشكل الذي كانت عليه سابقا قبل السقوط؛ فقد كانت المنشآت مُنهارة، وهيئاتها منحلة ومسلوبة الملكية، وقسم من الكوادر تغيب عن العمل .. ما يعني ان الوزارة كانت في حالة انحلال، وتسيّب كبيرين. لم تكن هناك مقومات عمل تنطلق منها الوزارة في عملها، وحسب ما أعتقد فإن المبلغ الذي كان موجودا في الميزانية هو 25 مليون دولار، وبذلك لم يكن الوضع المالي يؤهل الوزارات إلى النهوض بسرعة في العمل؛ فبدأت وزارة الزراعة كبقية الوزارات تتحرك بشكل بسيط، حيث بدأنا بوضع الخطة الاستراتيجية – ولو بشكل بسيط – إذ ليس في استطاعتنا وضع خطة استراتيجية محكمة مبنية على قوة رصينة، تجعلنا نتأكد مائة في المائة من تنفيذها. لذلك بدأنا باستراتيجيات بسيطة إلى أن تغيّر الوضع، وأصبحت الوزارة في موضع غير الذي كانت عليه سابقا. العالم الآن أصبح ينظر إلى الدول التي تمارس العمل الحر المفتوح، وهذا يعني أن أي بلد يجب ان يفتح حدوده، وأسواقه أيضا لأيِّ بلد آخر، والعراق على وفق ذلك اندفع للدخول وبسرعة إلى منظمة التجارة الدولية - وهذا طبعا يُمثل طموح كثير من الدول، وهو أن تدخل ضمن هذه الاتفاقية – لذلك في المستقبل يجب أن نكون دولة منافسة في محاصيلنا، حتى نستطيع أن نُجاري الدول التي ستدخل معنا في السوق العالمية. على هذا الأساس علينا بناء استراتيجيتنا المقبلة، وعلينا أن نبحث عن المحاصيل التي نستطيع أن نزرعها في العراق، وتأتي بمردودٍ كبير، وتكون لها علاقة في الأمن الغذائي، ويجب أن نفكر بكل ذلك؛ فبلدنا يمتلك طاقة كبيرة لانتاج مختلف المحاصيل من الشمال الى الجنوب. صحيح أن التربة تعطلت في المنطقة الوسطى والجنوبية بسبب سوء إدارة الأراضي في السنين السابقة، ما أثر في الانتاج حيث تدهورت عموم المحاصيل سواء أ كانت حنطة أم شعيرا، أم رزا أم غير هذه، والمحاصيل كالخضار، واشجار الفاكهة .. إلخ. أمامنا مسؤولية كبيرة وهي أن نقوم بالزراعة لننهض بها؛ لذلك وضعنا أساسيات عمل، وثبتنا بعض الأمور في العمل الزراعي في كل جوانبه.. الثروة الحيوانية، والثروة النباتية، وأيضا وضعنا أسسا لقضايا الدراسات المتممة للعمل الزراعي، ولم ننسَ قضايا السيطرة النوعية للمواد الزراعية الداخلة الى البلد. لقد كان همنا الرئيس أن نفتح مختبرات نوعية نستطيع من خلالها السيطرة على المواد المستوردة سواء أ كانت قضايا المبيدات، أم قضايا الصحة الحيوانية، أم مختبرات قضايا التغذية؛ لقد انشأنا الآن مختبرات نفخر بها، ونأمل لها ان تخدم في المستقبل الاستراتيجيات التي وضعناها وسنضعها لاحقا. الآن امامنا تحد كبير يتمثل في قضية المياه من حيث نوعها، وتوزيعها.
- ألا تلاحظون - دكتور علي – أن أسعار المنتجات الزراعية المحلية أغلى من المنتجات المستوردة، فكيف عالجت وزارتكم هذا الموضوع؟
الوزير : يمكن ان نعزو ذلك إلى أن الدول الجارة مثل الاردن وسوريا، قد سبقت العراق في إنتاج المحاصيل الزراعية الهجينة مثل الطماطم، والخضار، وغير ذلك من المحاصيل .. ونحن في الوزارة وضعنا الاساس لهكذا توجه، وقمنا بتجارب معينة حققت نتائج رائعة.
- دكتور قبل أن ننتقل الى الثروة الحيوانية. لنتحدث عن النخيل فقد كان العراق يصدر كمية غير قليلة من التمور، أين وصلت عملية تصدير التمور الان؟
الوزير : في الحقيقة موضوع النخيل يمثل ألماً يُعاني منه كل عراقي، لأن زراعة النخيل متدهورة ففي الوقت الذي كان العراق فيه يمتلك 33 مليون نخلة، كانت دول الجوار لا تمتلك من النخيل إلا عدد الاصابع، ونتيجة لذلك كانت هناك عمليات تهريب فسائل إلى دول الجوار. لقد وصل عدد النخيل في العراق الان إلى مايقرب من 9 إلى 10 ملايين نخلة، كما أن النخل الذي لدينا قديم جدا، وغير منتج، ويحتاج إلى تجديد. عندما استلمتُ الوزارة، كانت هناك مشاريع قائمة لإنشاء بساتين ( أمّات النخيل ) فضلا عن إنشاء مشاتل. وهناك مشكلة – لا نخجل من قولها - وهي أن بعض أصحاب المزارع لا يقولون الحقيقة في تحديد نوعية الفسيلة فقد يقال : هذه ( برحية ) في حين هي من نوع ( بريم ) على سبيل المثال. وبهذه الطريقة لا يمكن تعويض المزارع التي انهارت بسبب الحرب. كما أن المشكلة الأخرى التي تواجه النخيل هي إعدام أعداد كبيرة منه، حيث تم قص النخيل من الشوارع في أيام النظام السابق، وبأعداد هائلة لذرائع أمنية، إضافة إلى ذلك لم يسلم النخيل من الآفات، وكذلك هجرة الفلاحين لأراضيهم. كل تلك تشكل عوامل رئيسة في تدهور زراعة النخيل في العراق. ولأننا نؤمن بان النخيل ثروة مهمة وأمانة في اعناقنا، لذا وضعنا الأساس في هذه الفترة القصيرة لإعادة بناء النخيل وتأهيله، وزراعته بأصناف ثمينة جدا.
- دكتور، استطرادا بالحديث عن النخيل، ذكرتم إحصائية تصدير واستيراد قليلة جدا مقارنة بالاحصائيات القديمة. ما هي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بهذا الصدد؟
الوزير : في الواقع، إن سبب ذلك هو التدهور في الأعداد والانتاجية، والآن وضعنا خطة لجلب أصناف التمور العالمية الثمينة ليسهم ذلك في إثراء الأصناف الموجودة في العراق وراثيا، كما أن هناك خطة لتهيئة البساتين من خلال إعطاء سلف للمزارعين لتحسين أراضيهم، ولرفع كفاءة إنتاج التمور. وأؤكد أن هناك عدة مشاريع قائمة الآن لتنمية ثروة النخيل في العراق من حيث زيادة الأعداد، وتكثير أنواعها، وتحسين إنتاجها.
- هل تم إنجاز مشاريع معينة أم هناك مشاريع قيد التنفيذ؟
الوزير : نعم، لقد تمت زراعة مشاتل للفسائل وهي مشاتل ( أمّات ) والآن نحن بصدد تقديم العروض لجلبِ نباتات نسيجية من عدة شركات، ولدينا مناطق جيدة نأمل أن يدخل المستثمرون فيها لغرض تطويرها، وتلك المناطق تقع في غرب العراق ابتداء من الجنوب من منطقة صفوان صعودا إلى شمال بغداد في جهة الأنبار. ويمكننا ان نعد أنه وخلال الخمس سنوات المقبلة ستكون نتائج الزراعة إيجابية لأنها بنيت على أسس صحيحة.
- معالي الوزير، إذا ما تحدثنا عن الثروة الحيوانية .. ماذا عملت وزراة الزراعة لزيادتها خاصة مع وجود عمليات تهريب للاغنام، وكيف تعاملت الوزارة مع هذه الظاهرة؟
الوزير : الثروة الحيوانية هي أحد المفاصل الرئيسة الموجودة في وزارة الزراعة والتي تنقسم إلى إنتاج نباتي وحيواني، وتكامل الاثنين يُشكلُ مفصلا ًمهما في الوزارة. الشق الحيواني مهم جدا، ومقومات الثروة الحيوانية تعتمد على انتاج الغذاء .. انتاج الاعلاف للثروة الحيوانية بدءا من الاسماك، فالدواجن، فالابقار، فالماشية ... إلخ، وفي الحقيقة الثروة الحيوانية بحاجة إلى رعاية أكيدة وجدية. لقد كان العراق يمتلك أساطيل في أعالي المحيطات لصيد وجلب الاسماك، لغرض بيعها في الاسواق، حيث كان داخلا مع موريتانيا والصومال واليمن في هذا المضمار،كذلك كانت له علاقة مع شركات عالمية كبيرة. ولكن فجأة تم حل الأسطول، وحلت بعد ذلك الشركات، وانحل قسم الثروة الحيوانية - فرع الاسماك - وتحول إلى قسم صغير. لقد بقي قسم الثروة الحيوانية مجمّدا، وعاجزا الى حين استلامنا الوزارة، حيث عملنا على تنشيطه من جديد، من خلال تنمية الثروة السمكية في الانهار، والبحيرات الصناعية، وفي المياه الإقليمية، والآن لدينا مفاقس فعالة، ومنتجة لنوعيات محددة، ونحن بصدد تكثيرها لتغطية الثغرات في هذا المفصل من مفاصل الثروة الحيوانية. كما أن لدينا مشروعا بديلا لإعادة ثروة الدواجن إلى الحركة والنشاط، من خلال القضاء على مرض انفلونزا الطيور الذي ظهرت بالقرب منا في تركيا، وبعض الدول المجاورة.
- دكتور علي، لنتطرق الى الحشرات والآفات الزراعية، كيف تمت معالجة هذه الآفات؟
الوزير : بالنسبة الى نشاط المكافحة سواء أ كان مكافحة حشرات، أم عناكب، أم امراض نباتية فقد وضعنا دراسات وخططا، نحدد وفقا لها المبيدات التي يمكن أن نكافح بها. فالمبيدات تفحص من قبل لجنة مختصة لفرز الصالح منها أو غير الصالح من أجل مراعاة البيئة. وعلى ضوء ذلك تسجل المبيدات إذ لا نسمح بدخول أي مادة غير مفحوصة، وليس فيها تصريح بالاستعمال. التزمت الوزارة بمكافحة الآفات التي نسميها (استراتيجية) أي: الافات التي لا يستطيع الفلاح مقاومتها، ومكافحتها مثل الجراد الذي يهاجر أسرابا من افريقيا وينتقل بين الدول. وتجدر الاشارة إلى اننا مشتركون في المنظومة الدولية لرصد حركة الجراد الصحراوي. الآفة الاخرى التي نكافحها مجانا وعلى حسابنا هي (حشرة الدوباس) التي تعد آفة خطيرة على النخيل، وهناك آفة أخرى تصيب محاصيل الحبوب تسمى حشرة (الحميرة). الوزارة عملت كذلك على تهيئة كوادر الطيارين والطائرات، حيث بدأت بتأهيل ثلاثة مطارات موجودة في بغداد، وديالى وبابل. وأن شاء الله في السنة (المقبلة) ستنطلق الطائرات، ونأمل أن يعاد النشاط للأسطول الزراعي.
- معالي الوزير، هلا تحدثتم لنا عن الحكومة الانتقالية، وعملية التنسيق مع بقية الوزارات، وعلاقتكم بالسيد رئيس الوزراء، وكيف كان الدعم من خلال اجتماعات رئاسة الوزراء؟
الوزير : لقد كان هناك انسجام كامل في مجلس الوزراء منذ الاجتماعات الأولى، وقد كان الاجتماع الاول مع السيد رئيس الوزراء في بيته .. كان اجتماع تعارف، وبعده انطلقت الاجتماعات الرسمية. لم تتخلف الوزارة عن اجتماعات مجلس الوزارء ليوم واحد، أو اسبوع واحد، كما إنه لم يحصل طوال فترة الحكومة الانتقالية عدم اكتمال لنصاب مجلس الوزراء. كانت هناك مثابرة وحركة رغم كل الظروف التي مرت بها الحكومة الانتقالية. كانت اجتماعات مجلس الوزراء منظمة ومثمرة، وكانت تناقش فيها أمور البلد من جميع نواحيها، وكانت هناك لجان كثيرة منبثقة عن رئيس الوزراء تناقش كل القضايا الداخلة ضمن اختصاصاتها. كانت علاقة رئيس الوزراء مع الوزراء علاقة حميمية، حيث كان يستجيب، ويستمع بمنتهى الديمقراطية لهم، وكنا نصوّت على القرارات التي تطرح في الاجتماعات بكل حرية، ولم يحصل خلاف أبدا. في الحقيقة قد يحصل خلاف في العائلة الواحدة نتيجة اختلاف الرأي، لكن شيئا من هذا لم يحصل نهائيا في مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الوزراء نتيجة الانسجام الكامل. أما عن علاقة الوزراء والوزارات مع وزارة الزراعة، فقد كانت علاقة وثيقة جدا، ولولا تلك العلاقة لفشلت وزارة الزراعة في عملها، وبفضل تلك العلاقة استطعنا مع وزارة التجارة مثلا: أن نرفع أسعار الحبوب، فرفعنا سعر القمح إلـى450 الف دينار للطن الواحد، ورفعنا الشلب إلى 650 الف دينار للطن الواحد. لقد جعلنا وزارة التجارة تستقبل الحبوب على الرغم من الشوائب العالية التي فيها، لكننا وعدنا بتخفيض نسبة الرطوبة، وفعلا تم العمل على خفضها بمكافحة الامراض التي تـُصيب الحنطة، فكان الحاصل بعد ذلك نظيفا جدا والحمد لله. كذلك علاقتنا جيدة مع وزير الكهرباء حيث مولت وزارة الكهرباء منطقة الوسط في الشهر السادس بعشر ساعات مستمرة لتتمكن من زراعة الشلب. كما أن علاقتَنا مع وزارة الصناعة كانت جيدة حيث وفرت لنا الأسمدة من البصرة، ومن معمل بيجي، وقسم اخر من عكاشات، وكنا مودعين مبالغ لدى وزارة الصناعة لتصنيع البلاستك الزراعي. وأيضا علاقتنا مع وزارة الموارد المائية كانت جيدة، وانا أمثل هذه العلاقة بعلاقة السيارة والبنـزين.
- دكتور البهادلي، كيف كانت علاقتكم برئيس الوزراء، و متى بدأت هذه العلاقة؟
الوزير : في الحقيقة، لدي معرفة سابقة بالسيد رئيس الوزراء، وهذه المعرفة أحترمها جدا وأعتز بها، فقد التقيت به سابقا في أماكن غير العراق. وعندما كُلِّفتُ بوزارة الزراعة، والتقيت به في العراق وجدته إنسانا متفهما ومتعاونـا، وعلاقته جيدة ليس معي فقط، بل مع جميع الوزراء. في الحقيقة أكثر ما أثر في نفسي ونفس بقية الوزراء هو في الجلسة الأخيرة قبل انتهاء فترة الحكومة الانتقالية، حيث جلسنا معا جلسة غير عادية ناقشنا فيها وضعنا الذي مر وذكرياتنا، وأمورا شخصية وقد كان الكلام ينبع من القلب، وكنت أشعر بان كل وزير ينبع كلامه من قلبه، وكان الاطراء والثناء لشخص رئيس الوزراء حاضرا. إن العلاقة مع الوزراء، ورئيس الوزراء كانت جيدة، وتجلب الفخر للكل، فقد كانت علاقة مميزة جدا، استطاع الدكتور الجعفري بخلقه العالي، وببعد نظره أن يخلق بسببها جوا حميميا بين الكل. ومن مجمل الكلام الذي ذكرته في تلك الجلسة قلت : كانت تحصل قضايا كبيرة جدا في البلد، وخلال يوم أو يومين كنا نعقد جلسة لمجلس الوزراء، وكنت اتوقع أن تحدث ثورة في داخل المجلس ولكن لم تحصل مثل هذه الحوادث؛ لأن الحكمة والعقلانية اللتين سارت عليهما الحكومة كانتا تمثلان صمام الأمان، فالتبصر والتفكير بروية كلها أمور كنا نستجيب لها، وكان الرأي ديمقراطيا مائة في المائة.
- سيادة الوزير، برأيكم ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الدكتور الجعفري في المرحلة الحالية واللاحقة؟
الوزير : أعتقد أنه يستطيع أن يعمل الكثير؛ فقد انطلق من قاعدة الشعب ومن البرلمان، و عاد إلى البرلمان، هذا الوضع الذي تنطلق منه سياسة هذا البلد؛ لذلك نحن نحتاج إلى فكر كبير في البرلمان حتى تنضج الأمور، وتصبح جاهزة للتنفيذ؛ كي يبنى المستقبل بشكل صحيح.
- هناك عبارات ساذكرها لك – دكتور - وأريد أن تعلق عليها بكلمة واحدة لو سمحتم؟
- كربلاء.
الوزير : كربلاء والنجف، هما اللتان تعطيان الصورة المشرقة للعراق في الخارج لمن يزورهما من دول الجوار، ولمن يزورهما من دول العالم، وكلما اهتممنا بهما سوف نكسب السمعة، ونستبعد كل ما من شانه ان يثار ضد (هذه) الحكومة.
- الزراعة.
الوزير : هي النفط الدائم للشعوب التي لا تملك النفط.
- الدكتور الجعفري.
الوزير : من القادة المبدعين، الملهمين، فهو يستطيع أن يقود أمة، ويوصلها إلى شاطئ الأمان.
- العراق.
الوزير : بلد يمتلك قدرات، ويمتلك موقعا مهما، وله مستقبل كبير.
- في ختام هذا الحوار نتقدم للدكتور علي البهادلي وزير الزراعة في الحكومة الانتقالية بخالص الشكر لسعة الصدر، متمنين له الموفقية في حياته القادمة.