عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: هوشيار زيباري وزير الخارجية الجمعة 20 نوفمبر - 1:05
في البدء نرحب بكم استاذ هوشيار زيباري
الوزير: اهلاً و سهلاً .
- معالي الوزير نود ان نتعرف نبذة مختصرة عن حياتكم الشخصية.
الوزير : أنا من مواليد عام 1953 قضاء (عقرة) ، في محافظة الموصل . أكملت دراستي الثانوية في مدينة الموصل ، بعدها أكملت دراستي الجامعية في الجامعة الاردنية ؛ لأسباب سياسية ؛ إذ لم أستطع أن أكمل دراستي في العراق في ذلك الوقت ، أي : عام 72 . بعد تخرجي حصلت على إجازة في السياسة والاجتماع . وبسبب نشاطي السياسي ؛ اضطررت إلى البقاء خارج العراق. ومن ثـَمَّ حصلت على درجة الماجستير ، في علم الاجتماع من المملكة المتحدة عام 1980 . بعد حصولي على شهادة الماجستير، عدت الى العراق والتحقت بصفوف المقاومة الكردية ، خلال الثورة الكردية ، فانضممت إلى صفوف البيشمركة ، واستمر قتالنا ضد نظام صدام طوال فترة الثمانينيات. عام 1979 انتُخِبْتُ عضوا في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني ، وكنت عهدذاك طالبا . وفي عام 1989 انتُخِبْتُ عضوا بالمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني . وفي أواسط الثمانينيات كُلِّفْتُ بتولي مسؤولية العلاقات الخارجية للحزب ، وخلال الفترة هذه عملت في دول الجوار ، وبعض الدول العربية ، وفي أوروبا ، وأميركا .وفي عام 1988 عُيِّنْتُ ممثـِّلا للجبهةِ الكردستانية في أوروبا. خلال عام 1992 ساهمت في تأسيس المؤتمر العراقي المعارض ، وانتُخبتُ نائبا أول في برلمان اقليمي كردي في انتخابات عام 1992. وبعد تغيير نظام صدام حسين في 2003 استوزرنا للوزارة الأولى (وزارة مجلس الحكم) . في أيلول عام 2003 وكنت من المحظوظين من السادة الوزراء فقد استمر عملي وزيرا للخارجية في أربع وزارات.
- معالي الوزير طيلة الفترة التي تتحدثون عنها قبل تغيير النظام في 2003 عشتم حياة معارضة فكيف تمكنتم من الانتقال من حياة الرجل المعارض الى حياة رجل الدولة؟
الوزير : عملية الانتقال هذه لم تكن سهلة في حقيقة الأمر ؛ لكن من خلال ممارستي للعمل الاداري في إقليم كردستان ، وعملي خارج العراق ، وطبيعة العمل الدبلوماسي ، أو عمل العلاقات العامة الذي كنت أقوم به من خلال عملية تحشيد الدعم للقضية العراقية في الاوساط العربية، والاسلامية، والدولية، ساعدني كل ماذكرت سابقا على اكتساب خبرة في هذا المجال ؛ ولذلك حين كلفت بهذه المهمة (وزارة الخارجية) - وهو شرف كبير جداً لي- كان العمل الجديد لايتعارض مع ما كنت أقوم به ، فكانت العملية من هذا الجانب استمرارا لما كنا نؤدي سابقاً والحمد لله. ماساعدني أيضا أن هذا الانتقال جاء بشكل تدريجي وليس بشكل مفاجئ ، وايضاً تعلمنا خلال فترة السنوات الثلاث الماضية ، أن الانسان يتعلم دائماً ؛ ولهذا تكون البداية دائما صعبة إلى أن تتعرف طبيعة العمل في الدولة، والوزارة، والسفارة، وبتعاون المسؤولين ، والموظفين في وزارة الخارجية دارت عجلة العمل.
- بصفتك وزيرا للخارجية كيف تصف مرحلة سقوط نظام صدام حسين ودخول القوات الأجنبية الى العراق؟
الوزير : هذه المرحلة مهمة جداً، ونحن نقول: إن الذي أسقط نظام صدام حسين ، والذي أسقط نظام البعث في العراق ، لم يكن القوات الاجنبية فقط والاميركية منها خاصة هذه القوات التي انطلقت من قطر ، والكويت بل كذلك الشعب العراقي خلال فترة المعارضة ، والمقاومة المستمرة. فمنذ استيلاء هذا النظام على الحكم ، ومنذ استلام صدام حسين لمقاليد السلطة فيه .. طوال هذه الفترة كان نشاط المعارضة العراقية متواصلا ، على مستوى العمل الجماهيري المسلح ، أو العمل الاعلامي،والسياسي، والدبلوماسي ؛ لذلك كنا نقول دائماً: إن هذا النظام معزول ، وليس لديه قاعدة شعبية . واتضح ذلك عندما دخلت القوات متعددة الجنسيات الى العراق خلال اسبوعين ، حيث استطاعت فرقتان عسكريتان ، ونصف الفرقة الدخول من حدود الكويت ، والوصول الى بغداد ، من دون أن يكون هناك لادفاع عن النظام ، ولادفاع عن صدام. المعارضة العراقية : كان لها دور حقيقي قبل بدء العمليات العسكرية ؛ إذ كان للمعارضة نشاط هائل في الأوساط الاميركية ، والأوربية ، والعربية، وكنا نتوقع أن المواجهة حتمية بين المجتمع الدولي ونظام صدام ؛ نتيجة سلوكية هذا النظام ؛ وبسبب فقدانه لأي مصداقية في تعامله مع الامم المتحدة والقرارات الدولية ؛ كانت المواجهة في تقديراتنا حتمية بمعنى : مسألة وقت لا أقل ولاأكثر. المعارضة العراقية نظمت في شهر ديسمبر(كانون الاول) من عام 2002، مؤتمرا مهما جداً في لندن أي : قبل الحرب في 2003 ببضعة أشهر ، وكل القوى الاساسية المشاركة في العملية السياسية الجارية الآن في العراق شاركت في هذا المؤتمر الذي كان من انجح مؤتمرات المعارضة - في اعتقادي - وقد خرج المؤتمر بقرارات وتوصيات وبخطاب سياسي متفق عليه حول العراق الجديد ، عراق المستقبل ، وهو عراق ما بعد نظام صدام حسين ؛ ولهذا اتصور ان هذا المؤتمر ، وبَعدَهُ الاجتماع الذي جرى في شهر شباط 2003 في مصيف صلاح الدين هيّأ الارضية المناسبة لقوى المعارضة لأن تتحرك وتملأ الفراغ عند حدوث المواجهة مع نظام صدام.
- معالي الوزير عشتم فترة من حياتكم خارج العراق إما للدراسة ، وإما للعمل . كيف تُقيِّمون علاقة العراق مع دول العالم في زمن النظام السابق؟ وكيف كانت دول العالم تنظر الى المعارضة العراقية؟ وبرأيكم كيف كانت علاقات العراق الدولية في فترة النظام السابق قبل التغيير في 2003؟
الوزير : العراق كان بلدا محاصرا ، بلدا معزولا، بلدا مكروها عالمياً، وذا سمعة سيئة بسبب تصرفات النظام السابق ، وهذا ، ليس بسبب الشعب ولا بسبب الوطن ؛ ولكن بسبب سلوكية النظام قبل 2003 ؛ فقدكان نظام صدام حسين نظاما ( مارقا ) حسب الوصف الدولي، وكان معروفا – أي : نظام صدام - بأنه من أكثر الانظمة انتهاكاً لحقوق الانسان في العالم . ولاحقا تأكدت هذه المسائل، والتي كنا سابقاً نعلن عنها ونحاول تعبئة الرأي العام الدولي ضدها ، فظهرت المقابر الجماعية ، والانفال ، ومحاكمة صدام - كما اتصور - خير دليل على ما كنا نقول عندما كنا في المعارضة، فنظام صدام استغل موارد البلد بعد اتفاقية النفط مقابل الغذاء وقام باستخدام هذه الاموال لشراء ذمم بعض الحكومات ، والشخصيات ، واستخدم اموال العراقيين كرشاوى ؛ للتغطية على أفعاله الدموية.
- لكننا استاذ هوشيار لم نشهد اي تحرك او ادانات حتى، سواء أكان من دول الجوار أم الدول العربية ضد الاساليب القمعية التي كان يتَّبِعها نظام صدام؟!
الوزير : في وقتها بعض دول الجوار ، سواء أكانت دول الجوار العربي أم الاسلامي .. بعض هذه الدول كانت تتعاطف معنا ؛ فكان لدينا مكاتب، ووجود سياسي ، وتنظيمي في سورية ، وفي الجمهورية الاسلامية في ايران ايضاً .. أنا شخصياً عشت هناك ، ولدي خمس أولاد ، ثلاثة منهم مولودون في ايران ، عشنا حياة الغربة ، واللجوء. دول الجوار سابقا ماكانت تدعم ، أو تؤمن بقدرة المعارضة على التغيير. وبعد الانتفاضة الجماهيرية الشعبانية ، التي حدثت بعد احتلال الكويت من قبل نظام صدام ، والهبَّةِ الجماهيرية التي شملت من مجموع 18 محافظة حوالي 15 محافظة سقطت بيد المنتفضين ، والثوار ، ايضاً العالم الديمقراطي أهمَلَنا، ودول الجوار ايضاً لم تدعم هذه الحركة الشعبية ؛ لإنهاء هذا النظام الفاشي الدكتاتوري ! إن وضع العراق حقيقة من الناحية الدولية ، كان مكبلا باكثر من 40 قرارا دوليا .. كان محاصرا ، ومعزولا ، ومرفوضا في الكثير من المنتديات والمؤتمرات . نظام صدام رغم كل هذه الامكانية التي كانت تتوافر لديه ، عجز عن تسديد أبسط التزاماته المادية ، تجاه منظمات مهمة ، التي كان العراق عضوا فيها .. مثلاً منظمة الامم المتحدة ، ولاسيما أن العراق من الدول المؤسسة لهذه المنظمة.
- كيف تسلمتم الوزارة بداية الامر، بمعنى انكم عملتم على تأسيس مؤسسات ومكاتب الوزارة فكيف تم ذلك؟ وكيف تم اختيار كادر الوزارة؟ وماهي الخطة والآلية التي عملتم عليها؟
الوزير : في البداية بعد سقوط نظام صدام ، شكلت في وزارة الخارجية لجنة توجيهية آنذاك ضمن سلطة الائتلاف المؤقتة ، وهذه اللجنة قامت بعمل وجهد مشكور - نحن أيضاً - حين استلمنا الوزارة في شهر أيلول 2003 اتخذنا مجموعة من القرارات الجذرية ؛ لإبعاد ، ونقل العديد من أعضاء السلك الدبلوماسي ، ومن عناصر المخابرات ، ومن العناصر السيئة التي خدمت هذا النظام السابق ، واستغلت مواقعها ؛ لإيذاء الناس ، والتجسس عليهم ، وتعقبهم ؛ فأصدرنا في البداية مجموعة من القرارات الجريئة مثل فصل ، وإبعاد حوالي 500 من أعضاء الوزارة من مراتب عليا من سفراء، ووزراء مفوضين ، ومستشارين ، ودبلوماسيين ، وإداريين. نحن للأسف الشديد دائماً نتهم في وزارة الخارجية، بأنه لازال لدينا العديد من بقايا أركان النظام السابق ، موجودين ، ويعملون ؛ لكن إذا تحدثنا بلغة الأرقام ، باعتقادي أن وزارة الخارجية كانت سبّاقة ، وحتى قبل صدور أو ظهور هيئة اجتثاث البعث ، نحن اتخذنا هذه الاجراءات ، وايضاً بالنسبة إلى وسائل النقل ، والتنقلات ، وسحب غالبية الموظفين ، والدبوماسيين من الخارج. كان عددنا وقتَها حوالي 1200-1300 موظف من هذا المجموع . في البداية تقريباً أبعدنا حوالي 500 ؛ لكن أيضاً لم نستخدم نهج الانتقام من الأشخاص المعروفين بسلوكياتهم ، وبأدائهم، وبممارساتهم، وبارتباطهم، خاصة أن وزارة الخارجية كانت في عهد النظام السابق بؤرةً لرجال المخابرات، والأمن ؛ للقيام بأعمال ضد المواطنين العراقيين.
- استاذ تسلمتم حقيبة الخارجية لاربع مراحل منذ تشكيل مجلس الحكم و حتى هذه اللحظة حيث مر تقريباً نحو ثلاث سنوات كيف تُقيِّم هذه الفترة و كيف تنظر الى هذه الفترة؟
الوزير : بالنسبة لوزارة الخارجية ، أعتقد الوزارة وأنا كنت من المحظوظين ؛ لأنه صار عندنا هذه الفرصة ، وهذا الشرف بأن نستمر في خدمة شعبنا وبلدنا في هذا الموقع ، وهذا أعطانا نوعا من الاستقرار ، والاستمرارية .. يعني : في عمل وأداء وزارة الخارجية ، والمتابعة ؛ لأن بسبب تغيير الحكومة الكثير من الوزارات عانت من هذا الوضع - كم شهر - و الوزير يُغيّر ( الاستاف ) يُغيِّر ، والتوجه يتغير ، وإلى آخره ( بالنسبة لنا : لا ) نحن بنينا شيئًا ، وكُنا قادرين أن نبني عليه بعد كل مرة تغيرت الحكومة ، ونقول حالياً لدينا وزارة خارجية مؤسسةً متكاملة ً ؛ ولكن من الطبيعي دون مستوى طموحنا ، وطموح البلد ؛ لأن العراقَ عكسُ عديد من الدول الأخرى .. دولةٌ قديمةٌ ، وعريقة ، وسنة 34 تقريباً انضمت الى منظمات دولية(عصبة الامم)، ومن ثـَمَّ إلى الأمم المتحدة.
- إذن استفدتم من تجربة استلامكم لفترة أربع فترات؟
الوزير : بالتأكيد استفدنا ، يعني : أن الانسان يتعلم كل يوم درسا جديدا . ومسألة التعلم حقيقة ً لم تتوقف لفترة . وشُغلُ وزارة الخارجية عكسَ كثير من الوزارات الخدمية الاخرى شُغلٌ تخصصي ، وحقيقة ًيعني : إذا يوجد أناس غيرمتخصصين وغير متعلمين ، وغير مثقفين ، فمن الصعب أن يكونوا قادرين أن يخدموا ، ولذلك جو العمل أيضاً كان جيدا سابقاً ، كانت النظرة للوزراء السابقين ، والمسؤولين نظرة دونية الى الموظفين ، الى المستشارين الى الدبلوماسيين ، ومعاملتهم كانت فيها خشونة ، ورعونة ، وعدم احترام لقيمة الانسان ، وكانوا يعاملونهم كعبيد . يعني : كانت هناك أوامر ، وتعليمات صارمة ، والكل مشكوك في ولائه حتى من عشيرتهم نفسها ، وقبيلتهم ومنطقتهم ... إلخ . إحدى المسائل التي كنا قادرين على تغييرها حقيقة ً هي ابتكار ثقافة العمل الجديدة ، والاحترام المتبادل ، احترام الموظفين بَشرا فهم ليسوا عبيدا أو خدما ... إلخ . فخلال هذه الفترة نحن عملنا مجموعة من الاجراءات والتغييرات البنيوية يعني من حيث السفارات.
- طيلة هذه الفترات الاربع كيف تنظرون الى دور وزارتكم في زمن الحكومة الانتقالية (حكومة الدكتور الجعفري)؟ الوزير: نحن حققنا الكثير من الانجازات.
- ما الذي يميز هذه الفترة عن بقية المراحل؟
الوزير : مثلما قلت : الاستمرارية ، وبسبب استمرارية عملنا ، وتحديدا خلال فترة الدكتور الجعفري حققنا إنجازات مهمة جداً على مستوى دولي وعربي ، وإقليمي حتى المؤسسات من المسائل المهمة التي أنجزناها ، مثل عقد مؤتمر (بروكسل الدولي)، بمشاركة حوالي ثمانين دولة ، وعكس ما الناس يتصورون كانت وزارة الخارجية في رئاسة هذا المؤتمر ، وحققنا ، وساهمنا في تنظيم و عقد هذا المؤتمر ايضاً خلال هذه الفترة ، نحن تمكنا بأن نفي بكل التزاماتنا المالية ، وأيضاً بمبادرة من وزارة الخارجية ، حصلنا على أموال عراقية كانت محجوزة.
- كيف تُقيِّمون الدبلوماسية العراقية، التنفيذ الدبلوماسي بين النجاح والفشل في ظل توليكم لهذه الوزارة في الحكومة الانتقالية؟
الوزير : كانت العملية متواصلة ، يعني : كل فترة كنا نبني على شيء تحققَ سابقاً ، خلال الفترة الانتقالية ، نحن تمكنا من استعادة كل المواقع على الساحة الدولية ، والعربية ، والاقليمية ، والاسلامية ، وتعزز هذا الموقع وهو مكانة العراق في الخارج ، وتمكنا أن نعكس ، ونعبر ، ونكون صوت الحكومة . وصوتُ الشعب يمثل البلد خيرَ تمثيل خلال هذه الفترة نحن اهتممنا بجانب تقديم الخدمات القنصلية ، للمواطنين ، وفتحنا عددا من القنصليات العراقية التي كانت مغلقة في تركيا ، وفي إيران ، وفي السعودية ، وفي جدة. ايضاً خلال تلك الفترة مكانتنا تعززت او تعامل هذه الدول مع الحكومة فقد اختلفت نظرتهم كلياً لعملنا و عمل وزارة الخارجية خاصة لأنها كانت حكومة منتخبة ، وانتخاب حكومة شرعية من الشعب نفسه هو الذي اعطاها هذه الثقة. لكن خلال كل هذه المراحل انا شعرت ان الدول في تعاملها بسبب الطبيعة الانتقالية ، أو الفترة الانتقالية ماكانت تتعامل بجدية والسبب ان الوضع كان انتقاليا ؛ فلا نعرف هل أن هذه الحكومة ستبقى ؟ وهذا الوزير هل سيبقى ؟ سوف يأتي تشكيل آخر ؟ و تغيير آخر ؟ لكن في اعتقادي انتهت هذه المرحلة الانتقالية رغم اننا دفعنا دماء غالية علينا في موجات الارهاب ، والقتل ، والتضحيات ، لكن الحمد لله و بجهود الحكومة الانتقالية الذي كانت لها ولاية محددة ، وواضحة ، وهذه النقطة كثير من الناس ينسونها او يتناسونها ، يعني : ولاية الحكومة الانتقالية حسب القرارات الدولية استطاعت أن تكتب دستورا ، وبعدها يجري الاستفتاء على هذا الدستور ، وفي ضوء هذا الدستور سوف تجري انتخابات عامة بمشاركة الجميع في نهاية العام ، وتنتهي مهمة الحكومة الانتقالية. الحكومة الانتقالية برئاسة السيد ابراهيم الجعفري نجحت بالإيفاء بهذا الالتزام الشعبي ، والدولي و نحن ايضاً خلال هذه الفترة كوزارة خارجية اقتحمنا كل المجالات ، و فتحت كل الابواب أمامها ، وتحركنا على هذا الاساس لحشد الدعم الدولي ولاسقاط الديون ، وهي إحدى النقاط المضيئة ، والبارزة التي حققتها وزارة الخارجية لاسقاط ملايين الدولارات من الديون التي كانت مترتبة على كاهل الشعب العراقي ، والحكومة العراقية.
- ماهو دور وزارتكم الموقرة في مؤتمر المانحين؟
الوزير : ايضاً كان لنا دور في مؤتمرات كالتي صارت مثلا في مدريد ، في طوكيو ، حتى في نادي باريس ، يعني : كان لنا دور مؤثر فيها .ولو ان مؤتمرات المانحين - للاسف الشديد - رغم الوعود التي قطعت في المساعدات لم تنفذ جميعاً ، يعني :من مجموع 13 مليار دولار واعدونا بها لم نستلم منها سوى 3 مليار دولار فقط . ومع ذلك كنا دائماً مع هذه الدول التي تعهدت ، فحاولنا أن نتابعها ، وحاولنا تشجيعها في سبيل أن تفي بهذه الالتزامات.
- هناك اموال وممتلكات عراقية في عدد من الدول العربية وحتى الاجنبية كيف عملت الوزارة على إرجاع هذه الممتلكات؟
الوزير : نحن ايضاً تابعنا مسألة الاموال العراقية المحجوزة في كل المصارف وبالتنسيق مع وزارة المالية، مع البنك المركزي ، ومع الجهات المعنية اين ما وجدت هذه الاموال او الودايع العراقية كنا نتعاون ونحاول ان نحصرها ونطالب بها وكنا قادرين على استرجاع قسم كبير منها ولازال قسم اخر موجود لم نحصل عليه بعد، لكن هناك اموال هائلة كانت للنظام مودعة في الخارج تحت واجهات وهمية وشركات وهمية او شخصيات .. إلخ . نحن كان لنا دور ايضاً، دور مركزي ومحوري، في كشف فضائح نظام صدام في مسألة المتاجرة باتفاق النفط مقابل الغذاء، وتعاونّا تعاونا وثيقا جداً مع اللجنة التي شكلتها الامم المتحدة لكشف كل هذه الخروقات والانتهاكات التي حدثت في برنامج النفط مقابل الغذاء.
- هناك الخلاف الكويتي العراقي حول مسألة الحدود والنفط، وحتى هناك بعض الحقوق(الاراضي)، التي منحها نظام صدام الى بعض الدول العربية مثلاً، هناك مساحات واسعة من الاراضي منحت لدول الجوار مثلاً؟
الوزير : بالنسبة للكويت، الكويت كانت حالة خاصة، الكويت اعتُدِيَ عليها ،الكويت احتلت من قبل النظام ولذلك نحن في اعتقادي تمكنا ان نتفهم بعمق سبب معاناتنا ومظلوميتنا، ومظلومية الشعب الكويتي على ايدي النظام السابق، والمرارة التي كان يشعر بها الشعب الكويتي، لذلك تعاملنا معهم بطريقة جديدة بطريقة حضارية ، وودية ، ونسقنا معهم في كل القضايا . هم كانوا(الكويتيون)، ايضاً من اشد المدافعين عن عملية التغيير ، والتغيير الديمقراطي الذي صار في العراق . ومسألة الحدود و المسائل الاخرى عالجناها معهم بطريقة ودية، وبطريقة عملية ايضاً، إذ اننا في العراق الجديد سوف نلتزم بجميع القرارات الدولية.
- ليس فقط فيما يخص الكويت، حتى بقية دول الجوار ايضاً هناك محاولات، مثلا لأستخراج النفوط من الاراضي العراقية؟
الوزير : بالتاكيد ، صارت اشكالية على الحدود في العام الماضي عالجناها بطريقة مدروسة بدون انفعال ، وتهيج وعنتريات كما كانت الحالة سابقا وشكلت لجان فنية ذهبت ، وزارت ، واطلعت ، وتوصلنا الى نتائج بها. الحقيقة .. بالنسبة للحقوق الاخرى الموجودة لازال عندنا اشكاليات يعني : أن النظام السابق خلف تركة ً ثقيلة جداً في كل مجال، في مجال العلاقات الخارجية، في مجال الحدود، في مجال المياه، في مجال الاتفاقات الامنية .. إلخ وهذه الاشكاليات كانت مع كثير من الدول، نحن نحاول ان نعالجها ونتخلص من هذا التركة التي كانت في كثير من جوانبها تضر المصلحة الوطنية العراقية.
- بالنسبة لموقف الدول العربية، هل وقفت الدول العربية الى جانب الحكومة الانتقالية؟
الوزير : موقف الدور العربي كان مترددا في التعامل مع الحالة العراقية منذ البداية، لكننا لاحظنا ذلك، وعملنا على هذا الموضوع بصورة جيدة خلال فترة الحكومة الانتقالية، فخلال فترة الحكومة الانتقالية عقدنا مؤتمر الوفاق في القاهرة في جامعة الدول العربية، بمشاركة عربية جيدة في اعتقادي، وايضاً تواصل الجامعة مع الحكومة الانتقالية، كان عمرو موسى الامين العام للجامعة و عدد من الوفود التي أتت الى العراق كان نتيجة ضغطنا وتواصلنا المستمر وحاجة العراق الى وجود عربي فعلي وداعم للعملية السياسية. ايضاً كانت هناك زيارات عديدة لعديد من الدول العربية، أي: صارت زيارات لعديد من هذه الدول، وحالياً حتى مؤتمر الوفاق الذي سوف يعقد قريباً في بغداد وحدد موعده أوائل شهر آب في بغداد ايضاً كان من نتائج هذا العمل الذي قامت به الحكومة الانتقالية نتيجة التواصل و التفاعل. لكن كانت لدينا مشاكل ايضاً خاصة مع الدول الجوار، جراء التدخلات التي تحدث بسبب المتسللين والارهابيين وعدم قيامهم بما هو مطلوب، لم يكن هناك التعاون المطلوب حقيقة على الرغم من وجود لقاءات وزيارات ... إلخ لكن في اعتقادي التوجه العام كان افضل من الحكومات السابقة، ودور الجامعة العربية بالذات في القضية العراقية، حيث قمنا بجرهم جرا الى الموضوع العراقي الذي كان نتيجة جهد وعمل ومتابعة جادة من قبل الحكومة.
- لماذا تعتبر الكثير من الدول العربية العمليات الارهابية في العراق، عمليات مقاومة؟
الوزير : هناك في الحقيقة .. ازدواجية شنيعة للاسف في بعض المواقف يعني: تحدث بعض الحوادث الارهابية في احدى الدول العربية في مصر في شرم الشيخ، أو في المملكة العربية السعودية، من يقوم بهذه الهجمات يُعدّونَ قتله وارهابيين ومرتدين ويجب أن يعاقبوا ..إلخ في حين ان الاعمال نفسها ترتكب ضد مواطنين عراقيين ابرياء، فتعطى لمن يقوم بهذه الهجمات اوصاف اخرى، مقاومة وطنية ، مقاومة مشروعة ، مقاومة شريفة ... و إلخ هذه الازدواجية في المواقف موجودة، ومن خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا معهم دائماً نثير هذا الجانب، يعني الدعم موجود ليس فقط لبعض الاشخاص أو الانتحاريين، لكن هذا الدعم الاعلامي في التستر عليهم والتحشيد والاثارة احياناً .. إلخ كلها تصب في خانتهم(الارهابين) ونعتقد أننا اكثر من مرة واجهناهم وقلنا لهم : لانعتقد ان أي من وسائل الاعلام الموجودة لديكم هي حرة ومستقلة بالطريقة التي تكتب وتروج فيها للعنف في العراق .. إلخ فاذا كان لديكم الارادة السياسية على ذلك، نتصور أنكم قادرون ان تساعدوا العراق والشعب العراقي في هذا المجال، وحتى الفضائيات التجارية هذه ايضاً غيرمستقلة كما يدعون حقيقة وطبيعة انتخابهم واختيارهم للاخبار تميل إلى البحث عن شيء سلبي بحق العراق .. هذا توجهم للاسف الشديد . لكن ايضاً اعلامنا يجب ان يكون له دور اكبر، انا دائماً اقول ان الاعلام الحر الوحيد في المنطقة هو الاعلام العراقي، وهذا التكاثر وهذه التعددية الموجودة في العراق، في التلفزيون، في الصحافة خير دليل على ذلك.
- نلاحظ ذلك معالي الوزير حتى في قضية مقتل الزرقاوي!!
الوزير : كان من الواضح جداً ان البعض ذهبوا وقدموا التعازي واشادوا بهذا الارهابي الذي قتل النساء والاطفال، والذي استهدف الجوامع واستهدف العراقيين، ونصب نفسه كانه وصي أو امير علينا، كان موقفهم من هذا الجانب ايضاً موقف محزن ومشين، يعني كثير من الاوساط الاعلامية كانت هي المشكلة. لأنهم كانوا يتصورون ان الزرقاوي اسطورة امريكية او فيلما امريكيا هوليوديا أو صناعة مخترعة و .. إلخ وان هذه الشخصية اصلاً غير موجودة في العراق، لكن تبينت الحقيقة حين قتل، وعندما تأكدوا من ذلك وقعوا في احراج، كيف يبررون هذه المواقف السابقة؟ لذلك ذهبوا الى المكان المعاكس بالاشادة بهذا الارهابي المجرم، قاتل الاطفال والنساء.
- استاذ هوشيار،كونكم في وزارة الخارجية هل يقف الفكر العربي القومي ضد نشاطكم الخارجي؟
الوزير : انا مالاقيت هذا ، ولكني دخلت في كثير من الحوارات والنقاشات بهذا الصدد . لكني اتصور أن الفكر السياسي العربي العام، الليبرالي الديمقراطي وحتى القومي المعتدل، يتفق بأن العراق بلد متعدد الاعراف والقوميات والمذاهب ويختلف عن أي بلد عربي آخر . ففيه الاغلبية المطلقة من العرب لكن فيه تعددية ثقافية قومية .. والخ والتأسيس لدولة جديدة مبنية على المواطنة المتساوية يجب أن يُتخذَ أساسا ويجب ان يدعموا(العرب)، ذلك لإذابة ِكل التمايزات الموجودة ، والتعامل مع العراقي كمواطن عراقي وانتمائه الى العراق والى البلد كله ؛ لذلك انا لم أجد اي اشكالية واي احراج، بالعكس ففي بعض الحورات كانت هناك الكثير من ( النكات ) والمُزح ِ مع العرب في هذا المجال.
- استاذ هوشيار، بالنسبة الى علاقة العراق مع منظمة الامم المتحدة كيف تُقيِّم هذه العلاقة؟ وماذا عن مكتبها، هل سيبقى مكتب الامم المتحدة يمارس عمله من عمان، ام هناك نية لاعادة فتح مكتب لمنظمة الامم المتحدة في بغداد؟
الوزير : حقيقة .. مكتب الامم المتحدة موجود هنا في بغداد، يعني ممثل الامين العام السفير اشرف قاضي(قبل استبداله)، موجود حالياً. سابقاً كانت الحالة هكذا، سابقاً كانوا يتعاملون معنا عن طريق الكويت وعن طريق عمان، لكن ايضاً نتيجة لمطالباتنا وضغطنا بان هذا غير مقبول، خاصة ان امام المنظمة الدولية التزامات تجاه العراق للمساعدة في العملية السياسية وفي الانتخابات وفي الدستور وفي المسائل الانسانية وبعض المشاريع الاخرى مثل التأهيل والتدريب وبناء القدرات. لذلك بعد صراع معهم خلال السنوات الماضية تمكنا ان نقنعهم ونأتي بهم الى بغداد وهذه المسائل لم تتبلور بطريقة اعتيادية وبسهولة فقد بذلنا جهدا عليها وعملنا عليها لفترات طويلة.
- معالي الوزير، تكلمتم عن الجامعة العربية، ماذا عن دور الجامعة العربية تجاه تطورات الوضع في العراق ؟
الوزير : موقف الجامعة، موقف الامين العام، والامانة العامة افضل، يعني اذا قارناه بالفترات السابقة فهو افضل، وفيه تفهم أكثر للمشكلة العراقية، وللحالة العراقية، واعتقد ان هذا التواصل الذي تم وهذا التفاعل الايجابي والدور الذي تقوم به الجامعة، جاء ايضاً نتيجة جدل ونقاش ومحاججات واطروحات متبادلة. تمكنا ونجحنا بعدها في ان نشرك الجامعة في الوضع العراقي، خاصة بان العراق بلد مؤسس للجامعة وعضو ملتزم بميثاقه ؛ فوجود مكتبهم في بغداد دليل على صحة منهجنا ومنطقنا وتعاملنا معهم، وفتح هذا المكتب ومباشرة ممثل الجامعة باعماله، يفند اطروحة كثير من الدول العربية التي تتردد في الوجود او الحضور في بغداد لاسباب امنية . نعم هناك مشاكل لكن أيضا الحكومة قادرة وتستطيع أن تحمي وتؤمن وتوفر الامن لهم.
- بالنسبة للمستجدات السياسية حول اجتماعات وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق، ماهي النتائج التي تحققت خلال تلك الاجتماعات؟
الوزير : الاجتماع القادم سوف يعقد في طهران، في الثامن من الشهر القادم، ووجهت لنا دعوة والعراق سوف يشارك وسوف يحضر هذا الاجتماع وهذا المنبر، وهو مفيد في اعتقادي لاسباب اهمها: سوف نتمكن ان نخاطب جميع دول الجوار بوضوح وبصراحة، وبامكانهم تقديم مساعدة اكبر، بامكانهم مساعدة الحكومة بطريقة افضل، وفي التعاون معها في تأمين الامن والاستقرار والتنمية، وهم سيستفيدون ايضاً من العراق، انا دائماً قلت واقول: ان العراق ليس الصومال ولا افغانستان مع احترامي لهذه الدول، ولكن بسبب موقعنا المحوري المركزي في المنطقة، بسبب امكانياتنا الهائلة البشرية والطبيعية، لذلك هم سوف سيتفيدون اذا استقرت الاوضاع واستقرت الامور، وتحقق الامن ايضاً من الناحية الاقتصادية ومن الناحية التجارية هم سيكونون اكبر مستفيدين.
- سننتقل بالحديث الى الحكومة الانتقالية، وكيف كان دعمها لوزارة الخارجية؟
الوزير : حقيقةً اكون صريحا معكم جداً في هذا الموضوع، نحن كانت لدينا علاقات جيدة وطيبة، علاقات عمل وثيقة مع السيد رئيس الوزراء(الدكتور ابراهيم الجعفري)، وأبوابه كانت دائما مفتوحة ولايوجد يوم من الايام طلبنا مقابلة لاخذ مشورة او رأي في موضوع ، خاصة أن طبيعة عملنا تفرض أحيانا مواقف يومية يجب ان يعطى فيها الرأي ، ولاسيما في وضع معقد في العراق ؛ كانت دائماً ابواب رئيس الوزراء مفتوحة امامنا ولاأذكر مرة إطلاقا بانه صار خلل في هذا التواصل بيننا وبين رئيس الوزراء هو كان متفهما. لكن ايضاً من الجانب الاخر كانت تحدث أحيانا تدخلات في عمل وزارة الخارجية يعني وزير غير مخول، وزير النقل، او وزير المواصلات، او وزير قطاع خدمي يسافر الى بلد ما ويعطي لنفسه الحق، ان يتحدث باسم الحكومة وشكونا من ذلك اكثر من مرة في وقتها في اجتماعات مجلس الوزراء، وقلنا: أن المفروض، أن تحترم هذه الحكومة نفسها، والمفروض أن يكون الموقف موحدا والتصريحات تصدر من جهة رسمية، أي من مكتب رئيس الوزراء او وزارة الخارجية تحديداً او رئاسة الجمهورية انه ليس من حق اي وزير ان يعطي لنفسه الحق في ذلك . كُنّا متفهمين حقيقة أن وزارة الخارجية هي الجهة الموجودة اصلاً لخدمة البلد، لخدمة الشعب، لتمثيل البلد، لانها المكلفة وهي المسؤولة عن تنظيم اللقاءات والزيارات والوفود.
- استاذ كيف تُقيِّم انجازات الحكومة الانتقالية خلال هذه الفترة القصيرة ؟
الوزير : الحكومة الانتقالية، في اعتقادي رغم المدة القصيرة التي عملت فيها حققت نجاحا باهرا جداً في تنفيذ ولايتها المحددة، في كتابة دستور، في اجراء استفتاء، وفي اجراء انتخابات، وايضاً نجحت في عدد من المجالات الخرى، لكن حتى نكون منصفين ونحن المسؤولين يجب ان نتحدث بموضوعية : الحكومة بسبب التحديات الهائلة التي واجهتها خاصة اشتداد موجة الارهاب والقتل والتفخيخ واستهداف كل شئ، لم توفق في الجانب الامني، رغم النجاحات الواضحة . في مجال الخدمات ايضاً شكا أناس كثيرون من معاناة الكهرباء والماء ... إلخ .
- استاذ هوشيار، برأيك لماذا حوربت هذه الحكومة بالذات؟ كانت هناك محاولات جادة لاسقاط الحكومة الانتقالية انذاك؟
الوزير : لا .. فكل الحكومات التي شكلت كانت مستهدفة، لكن فرصة الحكومة الانتقالية كانت فرصة جيدة، يعني أنها حققت فعلاً اكبر و اهم انجاز انها اوفت والتزمت بالمواعيد والانجازات التاريخية، مثل كتابة الدستور، والاستفتاء عليه، واجراء الانتخابات، ومن ثـَمَّ التداول السلمي للسلطة، وهذا مبدأ جديد في هذه المنطقة، يعني أننا نرى بعض الحكام و المسؤولين 15 سنة او 20 سنة يقول ان اترشح مرة اخرى، وفي اليوم الثاني يقول ان الناس هي التي تريدني لذلك سوف ابقى .. إلخ اتصور، الحكومة الانتقالية غيرت الكثير، لكن الاداء العام يجب على أي شخص أن يضعه في اطاره وفي حجم التحديات وفي حجم الهجمة على هذه الحكومة من قبل اي قوة معادية للعراق الديمقراطي الفدرالي.
- استاذ بالنسبة لاجتماع مجلس الوزراء، علاقة الوزراء مع بعضهم، ومع رئيس الوزراء كيف كانت؟
الوزير : العلاقة كانت جيدة، كانت ودية وانسانية وفيها احترام كبير جداً، واتصور ان الحكومة الانتقالية تستطيع ان تفخر بانها من اكثر الحكومات التي عقدت اجتماعات دورية ومنتظمة لمجلس الوزراء، ومن خلال مشاركتي في الحكومة الانتقالية اعتقد انهاكانت في هذا الجانب رائدة.
- استاذ بالنسبة لاتخاذ القرارات، ماهي آلية اتخاذ؟ وكيف كانت تتم عملية ابداء الرأي والمشاركة في اجتماعات مجلس الوزراء؟
الوزير : في الاجتماعات كانت كل المواضيع مطروحة وتناقش بحرية بدون اي حرج، وكثير من القضايا التي توصلنا بها الى قرارات كانت قرارات جماعية حتى بالتصويت أحيانا اذا ارتأينا هذا جانب .. من جانب آخر كانت بعض القرارات الاخرى المهمة، كانت تتخذ بطريقة اخرى خارج مجلس الوزراء، لكن في الاجتماعات التي حضرتها في مجلس الوزراء، نعم كل القرارات كانت تتخذ بطريقة ديمقراطية وبحرية مطلقة والكل يبدي رايه حتى لو كان هناك معارض أو مخالف فكانت الاجواء طيبة وايجابية.
- هل كان هناك تفريق او تمييز بين فئة معينة واخرى، او طائفة واخرى، بين كردي او عربي، داخل الاجتماعات؟
الوزير : لا بل بالعكس حدثت الكثير من المسائل الطيبة والايجابية من خلال صلات العمل، ففي احدى الجلسات كما اذكر، احد السادة الوزراء قدم تقييمه قال : انا الشئ الذي فرحت به في خلال مشاركتي في هذه الحكومة انه تعرفت على الوزراء الكرد الذين يعملون هنا، وكنت اقول لنفسي ان النظام السابق حرمنا وحرم العراق من هذه الطاقات والكفاءات التي تخدم البلد الان بطريقة سليمة . لم يكن هناك اطلاقاً اي تمييز او تحيز أو محاباة لهذه الفئة او المجموعة، لان الكل كانوا يعاملون بطريقة محترمة ومتوازنة.
- الحكومة الانتقالية واجهت صدمات كثيرة، وحدثت احداث خطيرة منها ما يتعلق بما جرى في سامراء وتلعفر فكيف واجهت الحكومة هذه الاحداث؟
الوزير : هذه كانت تحديات مهمة واخطر تحدٍ واجهته الحكومة الانتقالية في اخر فتراتها تفجير المرقدين في سامراء، والذي كان هدفه اشعال حرب اهلية حقيقية وكان هذا هو الهدف لكن _الحمد لله_ تحركت الحكومة في وقت سريع جدا،ً وتمكنا ان نحتوي هذا الضرر الكبير، واستطاعت الحكومة عدم الوقوع في الفخ المنصوب للشعب. ان تفجيرات سامراء كانت من اكبر التحديات باعتقادي وبقناعتي، والتي واجه العراق منذ تأسيسه، واستطاعت الحكومة الانتقالية باجراءاتها وباستيعابها للموقف تمكنت من خلال التحرك الامني والاداري والديني والتواصل مع المرجعيات المحترمة تمكنت ان تحتوي هذا الحدث الكبير.
- استاذ هوشيار، بالنسبة الى علاقتكم مع الدكتور الجعفري، كيف تُقيِّمون هذه العلاقة؟ ومتى بدأت؟
الوزير : هذه تتطلب مقابلة اخرى... علاقتنا مع الدكتور ابراهيم الجعفري هي علاقات تاريخية وقديمة، انا في اجتماعات مجلس الوزراء ذكرت هذا الشي بان اول مرة التقيت بالسيد ابو احمد كان في طرابلس في ليبيا في عام 86-87 .
- يف كانت نظرتكم للدكتور الجعفري؟
الوزير : مرة اخرى التقينا في السعودية في الرياض في عام 91 وفي مؤتمر صلاح الدين في 92 في لجنة العمل المشترك في بغداد بعد التحرير، وفي فندق برج الحياة، الدكتور الجعفري، اشترك في اللجنة التنسيقية للمعارضة، وبعدها في مجلس الحكم، لذا العلاقات بيننا تاريخية و قديمة، وكذلك بين تنظيمنا الحزب الديمقراطي وحزب الدعوة. نحن نقول دائماً انه على صعيد الحركة الاسلامية، حزب الدعوة كان الحزب الام للحركات الاسلامية، والحزب الديمقراطي بالنسبة للحركة الوطنية القومية الكردية ايضاً كان الحزب الام، وفي الكفاح المسلح، وكفاح المقاومة كان هناك تعاون وثيق جداً مع اكثر التنظيمات قرباً وتواصلاً وعملاً ميدانياً وهوحزب الدعوة، اذكر في عام 82 كانت لدينا قاعدة مشتركة للدعاة والمجاهدين وكثير منهم موجودون احياء حيث كنا نواجه يومياً الموت والقصف و الصواريخ معا. هذه الامور ستبقى في اعتقادي أمور لاتنسى .وبالنسبة للدكتور الجعفري فهو يمتلك احترام كبير جداً عند قيادتنا شخصياً ايضاً وهو شخصية انسانية قبل اي شئ اخر، وهو شخصية مثقفة، لكن مثل مايقولون _الكمال لله_ يعني لم يوجد احد من بيننا من يتصف بكل الصفات، لكن العلاقة كانت متميزة مبنية على الاحترام والتقدير والتفهم، اذكر في اكثر من مناسبة انني شاركت وساهمت في زيارات وسفرات الدكتور الجعفري الى كثير من الدول والبلدان و كانت لديه مواقف مبدئية وواضحة جداً.
- كيف كان يتعامل الدكتور الجعفري مع بقية الوزراء في مجلس الوزراء؟
الوزير : علاقاته كانت طيبة مع الكل، كان هناك ود واحترام وتقدير ومجاملات و لذلك كانت العلاقات على افضل مايكون.
- برأيك ما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه الدكتور الجعفري في هذه المرحلة ؟
الوزير : بالتأكيد دوره لم ينتهِ اطلاقاً، اذكر في اخر جلساتنا قلنا: هذا ليس العشاء الاخير مثل السيد المسيح وانتهى كل شئ، بالعكس من الآن سوف يبدأ عملنا عملياً، ولدينا هذه الحكومة وهي مسؤوليتنا وهي مسؤولية مشتركة، والبلد يحتاج الى كل الطاقات والقيادات . الدكتور الجعفري سوف يكون دوره محفوظا وموجودا ومن خلال مساهمته في البرلمان وفي العملية السياسية لذلك في اعتقادي لازال امامه دور كبير.
- قبل ان نختم البرنامج هناك بعض الكلمات سوف اذكرها لك واود ان تعلق عليها بكلمة واحدة.
- الموصل
الوزير : الموصل مدينتي واحبها جداً لاني عشت فيها، وهي مدينة متعددة القوميات والمذاهب وايضاً اهل الموصل أناس طيبون جداً، وان شاء الله الامور الامنية فيها سوف تحل .
- الارهاب
الوزير : الارهاب، آفة
- الفدرالية
الوزير : الفدرالية هي قدر العراق، في اعتقادي العراق سوف لن يستطيع ان يكون بلدا ناجحا ومقتدرا ومتماسكا وموحدا من دون نظام فدرالي.
- الشعب العراقي
الوزير : شعب عظيم وشعب حضارة وهو شعب عريق جداً ولقد شُوهت فيه كثير من القيم والمفاهيم للاسف لهذا الشعب الاصيل من قبل ِالنهج الصدامي البعثي العنصري، مهمتنا وواجبنا ان نوفر لهذا الشعب كل ظروف الحياة السعيدة والكريمة.
- الدكتور الجعفري
الوزير : الدكتور الجعفري انسان مثقف، انسان مناضل، انا وصفته في احدى المرات بانه مجاهد عمل في المعارضة وفي مقاومة الدكتاتورية وطوال كل هذه السنين واصل عمله وان شاء الله سوف يواصله الى نهاية المطاف.
- العراق
الوزير : العراق بلد عظيم، بلد محوري ومركزي، ونريد للعراق فعلاً أن يستعيد عافيته، يستعيد تأثيره، انا كوزير خارجية اتاثر جداً عندما اذهب واطلب من دول خارجية تقديم منح ومساعدات لهذا البلد الغني الحضاري الكبير، في الوقت الذي على طول تاريخه كان هو البلد الذي يقدم المساعدات لكثير منل دول العالم .
- في ختام هذا اللقاء نشكركم معالي الوزير على هذا الحوار، وعلى سعة صدركم.