عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) قال :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا :
رجل نصر ذريتي .
ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق .
ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا »
عدد المساهمات : 149 تاريخ التسجيل : 03/11/2009 العمر : 16 الموقع : http://www.eslahiraq.net
موضوع: اسامة النجيفي وزير الصناعة والمعادن الجمعة 20 نوفمبر - 0:24
مرحبا بكم معالي وزير الصناعة في الحكومة الانتقالية، الاستاذ أسامة النجيفي، بداية معالي الوزير، نود ان نتعرف على نبذه مختصرة عن حياتكم الشخصية . الوزير : انا اسامة عبد العزيز محمد النجيفي الخالدي . من مدينة الموصل ، أي : ولادة الموصل . درست في مدينة الموصل ايضا، وانهيت دراسة الهندسة الكهربائية في جامعة الموصل ، وكان عملي بداية في وزارة الصناعة والمعادن من سنة 1980 الى 1992 . بعدها استقلت من الوظيفة بسبب بعض الظروف السياسية ، وبعض التعقيد في التعامل مع الادارة في ذاك الوقت ، وبقيت اعمل في المزارع العائدة لنا، وبعض الشركات في القطاع الخاص، بعدها استوزرت لوزارة الصناعة في سنة 2005، الشهر الخامس . معالي الوزير، هل من الممكن أن توضح لنا كيف تم اختياركم لهذه المسؤولية وهي تسلم وزارة الصناعة ؟ الوزير : كان ترشيحي من قبل الشيخ غازي الياور الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية في الفترة المؤقتة، وفي الفترة الانتقالية كان نائب رئيس الجمهورية، كما رشحني لهذا المنصب عدد اخر من السادة الوزراء. الشيخ الياور، زكانا بمعرفته السابقة بنا، وبسبب عملنا في وزارة الصناعة، وفي القطاع الخاص، فتأسس لديه سمعة طيبة عنا في مدينة الموصل، وكذلك بسبب شهرة عائلتنا في المدينة، فكان الاختيار من قبل الشيخ غازي الياور استنادا إلى تلك المعطيات . - معالي الوزير، بالتأكيد هناك أحداث مهمة حدثت في حياتك وغيرت مسارها، وأوصلتك إلى ما أنت عليه الآن ، ماتعليقكم على ذلك ؟ الوزير : نحن في حقيقة الأمر نعود الى عائلة ثرية، تمتلك مساحات كبيرة من الاراضي وكان جدي ، الحاج محمد النجيفي نائبا في البرلمان إبان العهد الملكي ، وكان والدي عضوا أيضا في دورات متعاقبة . لقد كان لنا خلاف مع الحكومات السابقة، بسبب توجهاتنا الوطنية على المستوى العراقي، ومستوى مدينة الموصل . وكان الخلاف الرئيس مع حكومة البعث من اول ايام استلامها السلطة. وبسبب استهداف البعث لعائلتنا، سجن اعمامي، واستشهد احدهم ايضا على يد البعثيين ، وكان الضغط مستمرا علينا لفترات طويلة من الزمن، ولكننا احتفظنا بسمعتنا الطيبة، وتعاملنا الحسن مع اهل الموصل. رغم هذا الاستهداف، بقينا ندير قسما من الاراضي التي بقيت لدينا ، حيث ان ما لا يقل عن 70 الف دونم، صادرتها حكومة البعث من اراضي عائلتنا في مدينة الموصل ؛ فبقي لدينا مساحات من تلك الاراضي، حيث انشأنا عليها مزرعة أنموذجية. انا كنت ، تقريبا ، من المزارعين الاوائل على مستوى العراق في انتاج المحاصيل الاستراتيجية، كالحنطة والشعير، والذرة الصفراء . بالتأكيد كان موقفنا في العهد السابق إزاء النظام (نظام صدام) هو الضد، لانه كان هناك شخصية ظالمة تحكم العراق ، اعتدت على العراقيين، وعلى طوائفهم، وسببت للبلد الكثير من الكوارث . كان موقفنا دائما موقف المعارض، ولهذا لم نندمج في اي نشاط في تلك الفترة، ولم ننتم الى أي حزب سياسي، كذلك لم نخرج من العراق، وبقينا في داخل الساحة العراقية، نؤيد كل وطني مخلص في تلك الفترة، إلى أن حصل التغيير ، حيث كان لنا دور في فترة ما بعد التغيير.
- معالي الوزير، كيف تُقيِّمون الواقع الصناعي في زمن النظام السابق عموما؟ وأيضا كيف تقيِّمون عملكم في القطاع الصناعي، خلال الفترة من سنة 1980 إلى 1992 على وجه التحديد؟ الوزير : بالتأكيد كان اهتمام الدولة كبيرا جدا بالقطاع الصناعي، وكانت هناك صناعات استيراتيجية مهمة قد بُنيت، ولكن كان الاهتمام في الاساس بالتصنيع العسكري فقط، من خلال بناء صناعات حربية لإدامة المعارك التي خاضها (العراق) حيث اعتدى على الدول المجاورة كالكويت، وايران، وطبعا هذا الأمر استنزف الكثير من الاموال، والكثير من التخصيصات التي كانت متوافرة في البلد. لكن في الوقت نفسه، كانت هناك صناعات مثمرة وفعالة، سدت كثيرا من الحاجة المحلي على مدى سنوات، حيث كانت هذه الصناعات تشمل الكهرباء، والصناعات الخفيفة والثقيلة، والثروات المعدنية. واعتقد انه كانت هناك طفرة كبيرة من فترة الستينيات مرورا بالسبعينيات الى الثمانينيات من القرن الماضي. لقد كانت هناك طفرة في نوعية الصناعات التي انشـئت في العراق، وقد كان مردودها على السوق المحلية، والاسواق المجاورة ايجابيا. لكن اعتماد التوجه الاشتراكي من قبل النظام السابق، سبب الكثير من الاحباط لدى الصناعيين، وتأميم الصناعة أيضا من عوامل الاحباط التي اصابت الصناعيين في تلك الفترة. لقد بدأ التدهور الشديد في الصناعة العراقية، من نهاية الثمانينيات، وبداية التسعينيات بسبب سوء الادارة في تلك الفترة، حيث استـنـزفت اموال البلد في مالايفيد، وبسبب تأخرنا بفترات طويلة عن التقدم التكنولوجي، واساليب الادارة السيئة، وصلنا إلى ما نحن عليه الان في واقعنا الصناعي. - استاذ أسامة .. في حديث سابق، شبهتم ما يتعرض له القطاع الصناعي في العراق بـ ( الحرب الاقتصادية )، هل لك أن تضعنا في الصورة أكثر حول هذا الأمر؟ الوزير : في الفترة التي تلت سقوط النظام (نظام صدام)، كان هناك فتح كامل للحدود العراقية، حيث دخلت مختلف البضائع بدون أي رقيب ولا حسيب، وبدون اي سيطرة نوعية، وبدون كمارك، وفي تلك الظروف، اصبح هناك نوع من الانحراف في السوق، ما سبب عدم وجود تنافس صحيح، بين الصناعة المحلية بقطاعيها الخاص، والعام، وبين ما يأتي من الخارج. أيضا سببت الظروف المعقدة في الداخل، مشاكل في الطاقة والامن، ومشاكل ادارية اخرى، وهذا انعكس سلبا على الكُلفة التي يستلزم دفعها لانتاج المصنوع العراقي، بينما في الخارج هناك تسهيلات كبيرة، ودعم كبير لمختلف المصنوعات، فأصبح هناك نوع من الخلل في كفة التوازن، حيث اغرقت السوق بالبضائع الرديئة، ما سبب توقف الكثير من الصناعات. عندما تجد ان سعر البضاعة الواردة، اقل من سعر المادة الخام الاولية التي تدخل في تصنيع تلك المادة!! هذا يثير شكا بأن هناك حربا اقتصادية على العراق، عن طريق ضخ اعداد كبيرة من البضائع الرديئة، والرخيصة جدا، الى السوق العراقية، ما سبب توقف الصناعات، وغلق المعامل، وتسريح العمال، والتسبب بالشلل الكامل للصناعات العراقية، ومن ثم تحكم المورّد في السوق المحلية، يرفع في الاسعار كيفما يشاء. من جراء ذلك قدمت وزارة الصناعة، مشروعا قانونيا لحماية المنتج العراقي، ومكافحة سياسة الإغراق، منذ (ثمانية أشهر) الى مجلس الوزراء، ولكن لم يُفعل شيء لحد الان، ولم يُقَر هذا القانون بعد. - سيادة الوزير .. لعبتم دورا في القطاع الخاص من خلال الشركات والمزارع الخاصة بكم ، هل لعب هذا العامل اي: القطاع الخاص، دورا في دعم الصناعة في العراق؟ الوزير : بالتأكيد، فالقطاع الخاص يُنمي القابليات الفردية، ويسبب النشاط، ويوسع الافق الصناعي، لذا أعتقد انه من انجح الوزراء، هم الذين مارسوا عملا في القطاع الخاص، حيث تكونت لديهم رؤية منتِجة، ومنفتحة على حد سواء، وأنا استفدتُ من التجربة (العمل في القطاع الخاص) كثيرا، أثناء عملي في وزارة الصناعة. - السيد النجيفي، كيف تقيمون الواقع الصناعي حاليا مقارنة بما سبق؟ الوزير : الواقع الصناعي مُتعَبٌ جدا .. فالصناعة العراقية مرهقة لكثير من الاسباب منها: التخلف، وتباطؤ الانتاج، ومشاكل الطاقة، وتضخم اعداد العاملين بشكل خيالي جدا، وفي الوقت نفسه، عدم وجود موارد لازمةٍ لإدامة عجلة الصناعة، ولتعجيل خطوط الانتاج، ورفع الطاقات الانتاجية. الصناعة بحاجة الى استثمارات كبيرة، وبحاجة الى رؤوس اموال، تضخ في الصناعات العراقية لتنشيطها، واعادة الفعالية اليها، وتخفيف العمالة الكبيرة، أنا أذكر أننا أرجعنا 50 ألف مفصول سياسي في السنة الماضية الى وزارة الصناعة، وهو تقريبا ثلث عدد ما أُعيد الى كل وزارات الدولة، وهذا سبب تضخما كبيرا في اليد العاملة في وزارة الصناعة. في الوقت نفسه، لا توجد هناك موازنات كافية لتطوير الصناعة، ولا توجد هناك طاقة كافية لتشغيل المصانع، نحن نعمل بوجبة واحدة بسبب نقص الطاقة، كذلك فان كثيرا من القوانين تحتاج الى تبديل، وتفصيل، ونحتاج كذلك الى تغيير النظام المصرفي، ونظام العقود، وطرق الاستيراد، الحقيقة، هناك تخلف كبير جدا في مختلف نواحي الحياة، وهذا انعكس سلبا على الصناعة العراقية. استاذ اسامة، ماذا صنعت الوزارة بالمنشآت العسكرية التي ذكرتها في حديثك؟ فكما هو معروف، ان النظام البائد خلق هذه المنشآت العسكرية، والصناعات العسكرية، فما هو السبيل لإدخال لاستبدال هذه الصناعات، بصناعات غير عسكرية، أي: صناعات مدنية؟ الوزير : الصناعة العسكرية بلغت في العراق مستوى (راقيا جدا)، واحتوت كفاءات كبيرة جدا، من مهندسين وعلماء في مختلف الاختصاصات، وبالطبع بعد سقوط النظام السابق، توقف الانتاج الحربي، والذي كان متوقفا اصلا اثناء الحروب (حرب الكويت والحرب قبل سقوط النظام). وبسبب توقف هذه المصانع، تم إلحاق الطاقات الكبيرة الموجودة الموجودة في منشآت التصنيع العسكري، بوزارات الدولة المختلفة، في محاولة لبث الروح فيها مرة ثانية، ولاجل تحويلها الى صناعات مدنية مفيدة، ومحركة للانتاج الصناعي. اثر ذلك، تمكنا من تحويل 18 شركة من شركات التصنيع العسكري الى وزارة الصناعة، وتمت المباشرة فعلا بالعمل المدني المنتج، وحقق قسم منها (شركات التصنيع العسكري السابق)، ارباحا كبيرة في السنة الاولى، من انخراطها في وزارة الصناعة. - معالي الوزير، لنرجع الى مرحلة استلامكم للوزارة، كيف وجدتموها من ناحية الميزانية والمشاريع، وماذا وجدتم مما هيأته التشكيلة الوزارية التي سبقتكم؟ الوزير : كان ينتظرني عملٌ كثيرٌ اثناء استلامي للوزارة من الدكتور (حاجم الحسني)، ولابد من أن أذكر هنا، أن كادر الوزارة كان يضم شخصيات ممتازة، ابتداء من الوزير والمستشارين، والمدارء العامين إلى أدنى موظف فيها، كلهم كان لهم خبرة طويلة، وباع طويل في الصناعة، وكان هناك سعي حثيث، لاعادة النظر في بعض الخطط، والموازنات، ومحاولة استغلال الطاقة المتاحة الموجودة، بأقصى درجة، وبعزم كبير. لقد استطعنا ان ندفع المشاريع المقررة، والخطط الاستثمارية إلى الأمام بشكل جيد،وكثير من المشاريع انجزت بشكل ممتاز، لذا اعتقد اننا بهذه الفترة، استطعنا ان نحقق تقدما، وتطورا في الانتاج بزيادة قدرها 37% عن السنة التي سبقتها. في فترة استيزاري لوزارة الصناعة، كان هناك انفتاح كبير على القطاع الخاص، حيث تم منح اجازات كثيرة لمعامل الاسمنت، وقدمت عددا من المشاريع المهمة للتحول الاقتصادي، بالاضافة إلى تطوير بعض خطوط الانتاج. كما شهدت تلك الفترة، تطورا نوعيا في عدد من الصناعات المهمة، كصناعة الادوية، والصناعات الانشائية، والاسمدة الكيمياوية، رغم ان الظروف كانت صعبة جدا، ولكن العمل ايضا كان ممتازا، حيث تم تحقيق طفرة نوعية كبيرة في الصناعة العراقية في سنة 2005. - معالي الوزير، هل كانت موازنة عام ألفين وخمسة كافية لإعادة وتأهيل المصانع العراقية؟ الوزير: بالتأكيد كانت أقل من الحاجة، فالمبالغ كانت بسيطة جدا، وتقدمتُ اثر ذلك بطلب الى مجلس الوزراء لاستحصال مبالغ اخرى، ولم يحظ بالموافقة، فلجأتُ الى الاقتراض من وزارة المالية، حيث افترضت الوزارة 100 مليون دولار، من اجل تحويل عدد من المشاريع، واستطعنا ان نستغل هذه الاموال لشراء مكائن ومعدات، ولغرض استيراد بعض المواد الاولية، لتحريك بعض القطاعات الصناعية. - برأيكم أستاذ أسامة، ما هو المبلغ المطلوب لتحسين الصناعة العراقية وتأهيلها؟ الوزير: لدي رقم ناتج عن دراسة دقيقة موجودة في وزارة الصناعة، نحن نحتاج الى 60 مليار دولار، حتى تسهم الصناعة بشكل اكبر في الناتج الوطني، بما لايقل عن 25% من هذا الناتج، وهذا طبعا عدا الانتاج النفطي، لكن هذا امل، وهدف بعيد حاليا. الحكومة العراقية لا تستطيع توفير الاستثمارات اللازمة لذلك، لذا فهذا الامر يستلزم دخول الاستثمار، الاجنبي والعراقي بشكل واسع وكبير، ونحن في العراق، لدينا المواد الاولية، والخبرات العلمية والكفاءات، وكل مايستلزم نشوء صناعة متطورة ومتقدمة في المنطقة، وممكن ان تكون السوق المحيطة بالعراق، سوقا للمنتج العراقي في وقت قريب، مع توافر المبالغ اللازمة لذلك. - الاستاذ النجيفي .. طيلة استلامكم لهذه الوزارة، ما هي الانجازات الاهم، التي يمكن أن تفخروا بها ؟ الوزير : زيادة الانتاج بصورة عامة، واعادة توازن وزارة الصناعة لكي تعمل بخطوات ثابتة، وبرامج محددة، وخطط قصيرة المدى، ومتوسطة، وبعيدة المدى، مع انسجام كامل في القيادات الموجودة في وزارة الصناعة، وتشكيل فرق عمل لانجاز مشاريع مهمة للقطاع الخاص، لتطوير الصناعة، وإيجاد استثمارات جديدة فيها. في الوقت نفسه، تطوير ما موجود من خطوط انتاج، ورفع كفاءتها لتحسين النوعية، واعتقد ان كل هذا عمل كبير جدا، ولا نستطيع ان نحصيه بكلمات، ولكن باعتقادي كانت هناك طفرة نوعية كبيرة، في الصناعة والانتاج الصناعي، وما قدمناه للبلد من تطور في هذا المجال، حسب اعتقادي، كان مُرضيا لنا في ظل تلك الظروف صعبة. معالي الوزير، بالنسبة لموضوع الخصخصة، هل أنت من دعاة الخصخصة في القطاع الصناعي؟ وهل تعتقد أن الخصخصة هي الحل للنهوض بالواقع الصناعي في العراق؟ الوزير : بالتأكيد هذا الامر مهم، وحيوي لتطور الصناعة العراقية، لان الموارد المحلية لا تكفي لتطوير الصناعة، وتكون الصناعة مفيدة للبلد، حيث تعم فائدتها على المواطن العراقي، وتحقق زيادة في الانتاج الوطني، لذا فهذا وغيره يستلزم دخول استثمارات كبيرة، وهذه الاستثمارات لا تأتي الا بقوانين استثمار منفتحة، ومشجعة على الاستثمار. الاستثمار يعمل على تحويل كثير من الشركات العامة، وبأساليب مختلفة الى القطاع الخاص، اما بالبيع، او باشكال مختلفة، ويستلزم ذلك طبعا تشريعات وقوانين، وأعتقد أن الاستثمار هو السبيل الوحيد لتطوير الصناعات العراقية، وإنقاذ الاقتصاد العراقي.
- بالنسبة لموضوع البطالة، وكما تعلمون معالي الوزير، العراق يعاني من نسبة بطالة عالية، وغالبيتها في صفوف الخريجين، هل تستطيع المشاريع الحالية، أن تمتص نسب البطالة العالية هذه؟ الوزير : المشاريع القائمة حاليا لا تستطيع ان تعالج مشكلة البطالة، ولكن لابد من إنشاء صناعات جديدة، وتطوير الصناعة في القطاع الخاص بشكل واضح وواسع، وفي الوقت نفسه تشغيل خطوط الانتاج بفعالية أكبر، وبأوقات تشغيل تصل الى 24 ساعة. هذا الأمر يستلزم توفير مصادر طاقة جديدة، واموال جديدة، من الممكن أن تستوعب قسما من اليد العاملة الموجودة الان، ولكن مع دخول الاستثمارات، وتفعيل قوانين الخصخصة، اعتقد انه بالامكان تشغيل كل اليد العاملة العراقية، وفي السنوات القادمة يمكن ان نحتاج الى استيراد اليد العاملة من خارج العراق، إذا فعّلنا هذه الخطط. - استاذ اسامة، ما هي أهم المشاكل والمعوقات التي واجهت عملكم داخل الوزارة؟ الوزير: أولا: واجهنا مشكلة التحويل .. فالاموال المخصصة لوزارة الصناعة كانت قليلة جدا، وهناك نوع من الضبابية في الرؤية لدى الحكومة، حول اهمية الصناعة ودورها في الانتاج الوطني، وحول كيفية التعامل مع الصناعة في القطاع العام، وكيفية اتخاذ خطوات جدية لتحويلها الى القطاع الخاص. ثانيا: هناك مشاكل الطاقة، وهي مشاكل هائلة وكبيرة، مثل الكهرباء والمحروقات، وهذه مشاكل لا حَدَّ لها ولا قياس، ما يسبب عدم تمكننا من تطوير وزيادة ساعات الانتاج. ثالثا: هناك نوع من التدخلات السياسية في عمل الشركات، فبعض الكتل السياسية والاحزاب، تتدخل بشكل سلبي يؤدي الى تعطيل العمل، وقيام هذه الاحزاب والجهات بمطالبات غير مشروعة، وكذلك محاولة تأسيس شركات باتجاهات سياسية معينة، هذه كلها أسباب تُفاقِمُ من حجم المشاكل. رابعا: مشاكل العمال، ومشاكل القوانين القاصرة عن تلبية طموحاتنا في تطوير الصناعة العراقية، وحماية المنتج، وكيفية تعامل القطاع العام مع القطاع الخاص. ولكن مع ذلك استطعنا أن نتجاوز قسما منها، والقسم الاخر يحتاج الى تشريعات وقوانين في المستقبل. - هناك بعض المعامل تشكو من قدم المكائن فيها، فهل هناك – سيادة الوزير - أمل بتطوير هذه المعامل، أو المصانع التي تشكو من قدم مكائنها، وهذه المكائن القديمة نسبها عالية تصل الى حد 75%؟ الوزير : اعتقد ان هذا الامر موجود بصورة واضحة في الصناعات النسيجية، هذه الصناعات انشئت في الستينيات والسبعينيات، وقسم منها اقدم من هذا التأريخ، وهذا سبب تقادم هذه المكائن وتقادم التكنولوجيا المستخدمة فيها، نحن نحتاج الى اموال جديدة، ونحتاج الى طرق جديدة لادخال التكنولوجيا الحديثة، والتفاعل مع العالم المتطور، علما ان قسما من هذه الخطوط، يحتاج الى التغيير بالكامل، واستبدالها بخطوط جديدة ومتطورة، لذا المشكلة الاساسية هي التطوير وليس الاستثمار. - أستاذ اسامة، كما تعلمون أن إيرادات العراق تقدر ب 45 مليار دولار، ماهو برأيكم السبيل الافضل لانفاقها في عمليات التطوير، الصناعي منها ام الاستخراجي؟ الوزير: اعتقد أن الأمر هو حزمة متكاملة من الاصلاحات، فانت لا تستطيع ان تعمل في الاستثمارات النفطية فقط، أو في الكهرباء، أو في الصناعة، هنا لابد من ان يسير الامر بالتوازي، لتطوير كل المجالات الاقتصادية في وقت واحد، ولكن بنسب مختلفة حسب الاهمية. الاستثمارات النفطية لها الاولوية في التخصيص، لكونها المورد الرئيس في العراق، ونحن نحتاج الى رفع الطاقات الانتاجية، وانتاج النفط يمكن ان يصل الى 9 ملايين برميل اذا وفرنا مايستلزم من الاستثمارات. اما النسبة لقطاع الكهرباء، فهو مفصل حيوي للخدمات، وللناس، وللصناعة، ولكل مجالات الحياة، لذا أعتقد أن تطويره مهم جدا، وفي الوقت نفسه فإن الصناعة لابد من ان تسير مع تطور كل القطاعات الأخرى بالتوازي، لان كل الاستثمارات النفطية تحتاج الى صناعة، وتحتاج الى أنابيب، وتحتاج الى مصاف للتكرير... الخ. من الممكن ان نقوم بهذا الامر في كل مرافق الحياة، حيث نحتاج الى الصناعة في مجال المحولات الكهربائية، الى القابلوات، الى الادوية، ومرورا بالاسمدة، وأعتقد اننا لا نستطيع ان نسير بالحياة بصورة طبيعية، وفي بلد حي ومثمر، الا ّبتطوير صناعة حيوية فعالة، تقدم ما يحتاجه البلد من متطلبات. - قبل ان نتحدث عن الحكومة معالي الوزير.. نود أن نتحدث عن لجان الاعمار، وخاصة لجنة اعمار الأنبار، حيث إنكم ترأستم هذه اللجنة، فهل لك ان تحدثنا قليلا عن طبيعة عمل هذه اللجنة، وسبب اختياركم من قبل رئاسة الوزراء لترأس هذه اللجنة؟ الوزير : لاشك في أن عملَ الاعمار عملٌ إنساني كبير ووطني، وأنا كنت مقتنعا تماما بأنه لابد من أن أبذل جهدا كبيرا في انصاف الناس، ومحاولة اعطائهم بعض الحقوق، فاستلمت اللجنة من الدكتور حاجم الحسني، بتكليف من الدكتور الجعفري. والأمر كان منوطا بوزارة الصناعة، وهو إعمار الانبار، وكوزير للصناعة كان لي شرف تحمل هذه المسوؤلية، وبالتأكيد كان هناك عمل كثير، وانجاز كبير خصوصا في مدينة الفلوجة، حيث كانت المشاريع قد اخذت طابع البداية، وكان هناك تطور كبير في نسب الانجاز، واعتقد اننا بدأنا بنحو 15% من تلك النسب، وانتهينا بـ 70%من نسب الانجاز في مدينة الفلوجة. لقد كانت هناك تعويضات للمواطنين الذين تهدمت بيوتهم اثناء الحملات العسكرية، فقدمنا مبلغ 175 مليون دولار، كتعويضات عن الدور التي تضررت من الاعمال العسكرية، وهناك مبالغ اخرى في الطريق، وكان هناك انجاز واضح في انجاز المدارس، والمستشفيات، وفي مشاريع الماء، وشبكات الكهرباء. لقد أعدنا الحياة الى مدينة الفلوجة بشكل كبير، ووفرنا كميات كبيرة من الاسمنت بلغت 150 الف طن، وبسعر مدعوم مقداره 75 الف دينار أي : ثلث السعر الموجود في السوق، وكانت هناك حركة عمل واسعة لبناء الفلوجة، من خلال المشاريع التي تنفذ. في اعتقادي، كان هناك رضا كبير عن الانجاز، واندفاع كبير من اللجنة، لا ادعي لنفسي فقط هذا الامر، ولكن لكل الاخوان الذين اعانوني، وساندوني في هذا العمل من المهندسين، والمدراء والعمال، وكل من أسهم في اعمار الفلوجة. أعتقد ان هذا امر نفخر به، لكونه عملا وطنيا جدا، إعمار الانبار أتى لاحقا لاعمار الفلوجة، حيث بدأ التنفيذ قبل (شهرين)، وبنسب بسيطة لحد الآن. - إذن ، أستاذ أسامة، قد تم صرف مبالغ التعويضات الى الاهالي الذين تضررت دورهم من جراء العمليات العسكرية؟ الوزير : نعم، المبلغ المرصود للاعمار هو 100 مليون دولار ، وأيضا بحدود 70 مليون دولار صرفت، وبنسب انجاز كبيرة، ومبالغ التعويضات مثل ما ذكرت 175 مليون دولار تعويضات أي : مبالغ منفصلة عن مبالغ الاعمار،. ولجنة الاعمار كانت تقوم بهذا الواجب ايضا. هناك مشروع إعمار بلدة تلعفر، حيث بدأ العمل فيه بصورة جيدة، وبنسب انجاز طيبة، ورغم تاجيل عدد من المشاريع، الا اني اعتقد أنه خلال الاشهر (الخمسة القادمة) ستنجز اعداد منها، في مختلف المجالات بمدينة تلعفر. - معالي الوزير، كونكم ترأستم هذه اللجنة (لجنة اعمار الانبار)، حيث اختلطتم مع اهالي الانبار، كيف تقيمون زيارة الدكتور الجعفري لهذه المحافظة عندما كان رئيسا للوزراء؟ الوزير : أنا رافقت الدكتور الجعفري اثناء زيارته للفلوجة والرمادي، واعتقد أن الزيارة كانت مثمرة جدا، وكانت هناك لقاءات، وحوارات من القلب إلى القلب، لأن الدكتور الجعفري، وهذه حقيقة، يتميز بعاطفة كبيرة، ومحبته للناس ليس لها حدود، فكان هناك تجاوب من أهل المنطقة، وشكروا دولة رئيس الوزراء شكرا كبيرا على اهتمامه، ومتابعته للتعويضات والاعمار، ووعدهم خيرا، في مجال القوات الامنية، وإعادة الأمن الى المنطقة، لذا اعتقد أن الزيارة كانت مثمرة جدا، وكان هناك نوع من الألفة والاتفاق، على العمل الوطني المشترك بقيادة الدكتور الجعفري. - بالانتقال إلى الحديث عن الحكومة وعملها، كيف كانت اجتماعات مجلس الوزراء يعني : هل لاجتماعات مجلس الوزراء أثر في دعم عملكم داخل الوزارة؟ الوزير : اجتماعات مجلس الوزراء كانت تقام بصورة منتظمة وجيدة، وكان هناك حوار طيب، وتفاهم وانسجام كامل بين اعضاء المجلس، ولكن عمل الوزارة امر منفصل، نحن نطرح على مجلس الوزراء ما يتطلب لتطوير عملنا، ودعم المسيرة، ولكن باعتقادي: كان هناك نوع من القصور في مسألة إدراك الاتجاه الاقتصادي في العراق، وعدم الوضوح في الرؤية لدى الحكومة حول التوجهات الاقتصادية. لقد كان هناك انشغال كبير في الملف الامني، واخذ من وقت دولة رئيس الوزراء الكثير، والملف الاقتصادي كان ثانويا جدا في هذه الفترة الزمنية، كانت هناك محاولات في وزارة الصناعة، لتطوير هذا الاتجاه بالاتصال مع وزارات التخطيط، والتجارة، والبنك المركزي والمالية. واستطعنا أن نحقق بعض الانجازات، وعلى مستوى استحصال موافقات للجان المتخصصة بموضوع الخصخصة، والاستثمار، والتحويل، وبقناعة كافية لتحويل الاقتصاد العراقي، الى اقتصاد السوق، بعلامات وخطوط واضحة. - معالي الوزير، ذكرتم قضية تنسيقكم مع بقية الوزارات، كيف تقيم علاقاتكم مع بقية الوزراء؟ الوزير : كانت العلاقات أخوية، واجتماعية، وكانت ممتازة جدا، وبعض هذه العلاقات بدأناها من الصفر لعدم معرفتنا ببعضنا، وانتهينا باخوة كبيرة، وعلاقات طيبة، ومحبة جارفة بين الوزراء، مع حب واحترام الجميع لرئيس الوزراء. حقيقةً، هذا الأمر، حسب قناعتي، انعكس نتيجة الخُلُق العالي لدولة رئيس الوزراء، فتعاونه مع الوزراء انعكس ايجابيا على العمل، حيث خلق جوا هادئا وطيبا في تعامل الوزراء مع بعضهم. بالتأكيد كان هناك عمل خارج مجلس الوزراء، فكنت اقوم بزيارات الى مقر الوزارات الاخرى، برفقة الوكلاء والمستشارين، ونتحاور مباشرة مع الاخوان الوزراء مع معاونيهم، لتطوير التعاون المشترك بين وزارة الصناعة والوزارات الاخرى، واعتقد أني قمت بزيارة عدد كبير من الوزارات، وتم تحقيق نتائج طيبة في التعامل، ولكن، باعتقادي، خُلُق السيد رئيس الوزراء (الدكتور الجعفري)، انعكس بصورة ايجابية جدا على تعامل الوزراء مع بعضهم، وعلى عمل الوزارة بصورة رائعة. - معالي الوزير، بالنسبة لعملية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، هل كان هناك تبادل للاراء، ونقاشات ومشاركة في اتخاذ القرارات داخل المجلس؟ الوزير: كان من الطبيعي أن يطرح في جدول الأعمال أمر معين يهم وزارة معينة، وكانت الاقتراحات تقبل من أي جهة، ثم تناقش، وكان دولة رئيس الوزراء، يعطي فرصة لكل المتحدثين في ان يُبدوا آراءَهم، ومن ثم يطرح القانون، أو المشروع، أو الاقتراح، ويمر القانون او المشروع، اذا ما فاز بالتصويت وباغلبية الاصوات. لقد كانت هناك ساعات طويلة من النقاش، لغرض فسح المجال أمام الاخوة الوزراء لإبداء آرائهم، واعتراضاتهم، أو دعمهم ، حيث كنا متفاعلين جدا في هذا المجال.
- الحكومة الانتقالية واجهت الكثير من الازمات، وخاصة ما يتعلق باحداث سامراء وتلعفر، كيف تعاملت الحكومة مع هذه الازمات؟ وهل تمت معالجتها بشكل صحيح؟ الوزير: الأزمات التي واجهتها الحكومة كانت كبيرة جدا، وحصلت كوارث كبيرة في هذه الفترة، ولكن الحكومة ايضا كانت مقيدة في أمور كثيرة، فمن ناحية، عدم تكامل القوى الامنية العراقية، وعدم قدرتها على الرد السريع، وتدخل القوات الاجنبية الموجودة بصورة سلبية في بعض الأوقات، وعدم سماحها للقوات العراقية بالتحرك. فيما يتعلق بتلعفر وسامراء، كان هناك تحد ٍكبير، وانا اذكر هنا ان دولة رئيس الوزراء (الدكتور الجعفري)، كان عنده صبر كبير جدا في محاولة تجنب العمل العسكري بأي طريقة. وانا شخصيا كلفت من قبل دولة رئيس الوزراء بالذهاب الى تلعفر، ومشاركة اهالي تلعفر النقاش، لايجاد حل لهذا الموضوع، واستطعنا أن نحول الوضوع من هجوم كبير كان يعد على المدينة لاخراج الارهابيين منها، الى خروج سلمي للاهالي من المدينة، ودخول الجيش اليها بطريقة سهلة واشتباكات قليلة جدا. في الفلوجة اثناء دخول الجيش استشهد حوالي 5000 شخص ، وما بين 200 الى 300 شخص اصيبوا اثناء المعركة، لكن برغم ان قضاء تلعفر اكبر من قضاء الفلوجة، وعدد سكانه اكبر فلم يسقط شهداء او جرحى كما حصل في الفلوجة، وهذا الامر تم نتيجة حسن ادارة السيد رئيس الوزراء لهذا الملف، ولصبره الطويل، وعدم سماحه بان يسيل الدم العراقي في أي وقت. - معالي الوزير، بالعودة الى الواقع الصناعي، هناك فجوة بين الواقع الصناعي في العراق، وبين واقع الصناعة في الدول المجاورة، كيف يمكن برايكم ان نقلص هذه الفجوة؟ الوزير : هناك انقطاع كبير في السنوات الماضية، بمعنى عدم حصول تطور صناعي. وأنا حاولت في بداية عملي في وزارة الصناعة، ان يكون هناك اتصال مع العالم الخارجي لمواكبة ما استجد من تقدم صناعي من حولنا، فارسلنا عددا كبيرا من الوفود من خبراء، ومهندسين، وفنيين الى مختلف دول العالم للتدريب، والاطلاع عن قرب على التطور الصناعي، ومحاولة معرفة آخر ما توصل اليه العلم. واعتقد أننا حققنا، طفرة كبيرة في هذا الاتجاه، بالاضافة إلى محاولتنا تحديث خطوط الانتاج بما يتلاءم مع التوجه الصناعي العالمي، حيث حققنا نسبا متقدمة ولابأس بها في هذا الموضوع، رغم عدم وجود التمويل الكافي، ولكني أعتقد: اذا كان هناك تمويل واستثمارات، فاننا نستطيع ان نردم هذه الهوة في فترة غير بعيدة. - سيادة الوزير، كيف تقيمون اداء الحكومة الانتقالية خلال فترة مسؤوليتها القصيرة؟ الوزير: لقد كان هناك انجاز كبير في ظل ظروف صعبة جدا، وكانت مرحلة مفصلية من تأريخ العراق، حيث استلزم الأمر كتابة الدستور، وإجراء انتخابات. لذا أعتقد أن أهم العلامات البارزة في تلك الفترة: هي انجازات الحكومة المهمة . فقد كانت هناك محاولات كبيرة لضبط الوضع الأمني، ولكن باعتقادي أن النجاح فيها، أي: الحكومة، كان محدودا، بمعنى: أن الحكومة لم تستطع ان تترجم ما خطط له على الارض، بشكل يرقى إلى مستوى الطموح من ناحية القضاء على العمليات الارهابية. أنا آخذ على الحكومة، ان التوجه الطائفي زاد بشكل كبير في العراق، وبدأ يتصاعد، وايضا الهوة تعمقت بين الطوائف العراقية، هذا ايضا كان عاملا سلبيا في هذا الاتجاه، ومع ذلك كان هناك إخلاص كبير، وعمل نشيط، وهمة عالية من قبل الوزراء، ومن قبل دولة رئيس الوزراء طبعا. لقد كانت هناك رغبة لخدمة البلد وتطويره، والأمر كان صعبا جدا، وفي مرحلة الحكومة الانتقالية، كانت الهجمة فيها كبيرة جدا على العراق، حيث لم نستطع ان نحقق كل ما نريد، ولكن بالتأكيد هناك تقدم ملحوظ رغم التحديات، وهو ما حصل في الملف الامني، حيث تمكنت الحكومة من تحقيق تقدم في هذا المجال. - برأيك – أستاذ أسامة - هل ان إنجاز كتابة الدستور، يعتبر اعظم الانجازات التي قامت بها الحكومة الانتقالية؟ الوزير : طبعا . الدستور هو شيء أساسيٌ في حياة الشعوب. وأنا على الرغم من تحفظي على الدستور المكتوب والذي فيه بعض النواقص حيث لابد من ان يعاد النظر فيه، لكن مع ذلك، هو خطوة ايجابية وكبيرة في تاريخ العراق، وهو الحجر الاساس لبناء الديمقراطية، حتى تكون هي القانون الاساسي لحياة العراقيين، من خلال أجواء الانتخابات، والنجاح فيها ايضا، وكل ذلك يشكل علامة بارزة ومهمة، في طريق بناء الديمقراطية في هذا البلد؟ - هل شاركتم في التصويت على الدستور، معالي الوزير؟ الوزير : نعم، ولكن في البدء كنتُ رافضا للدستور بشكله الحالي، وشجعت مواطني مدينة الموصل على رفض الدستور، لأني كنت أعتقد أنه يُؤسس لتقسيم العراق وتمزيقه، ولابُد من ان يُنظر في المواد الموجودة في الدستور بطريقة تبني وحدة العراق، وأن يكون الهدف هو لم شمل العراقيين وليس تفريقهم. - هل استطعتم في الحكومة الانتقالية، إشراك جميع الاطراف في كتابة الدستور؟ الوزير : شاركت كل الأطراف - ولكن طبعا- بصورة استشارية، أي : بعض الذين لم يشاركوا في الحكومة، أو في البرلمان السابق لم يكن لهم دور أساسي، إلا بصورة استشارية، ولكن اتفق بالفقرة الثانية والأربعين بعد المائة من الدستور، على اعادة النظر فيه خلال الأشهر الأربعة الأولى بعد تشكيل البرلمان، واعتقد انه سيكون هناك عمل حثيث، لتغيير بعض المواد في الدستور، والتي نعتقد انها غير صالحة. - لنرجع إلى الوراء قليلا .. بالنسبة لعلاقتكم بالسيد رئيس الوزراء، كيف كانت ملامح هذه العلاقة، ومتى بدأت؟ الوزير : أنا لم اعرف السيد رئيس الوزراء سابقا، والتقيت به أول مرة في يوم أداء اليمين الدستورية، والحديث الشريف يقول: (الأرواح جنود مجندة ما تَعارف منها ائتلف، وما تفارق منها اختلف). أنا احسست بـحب كبير لدولة رئيس الوزراء من أول يوم رأيته فيه، وكانت العلاقة بيننا، علاقة أخوية، وعلاقة احترام مبنية على الود والتزاور والتناصح. واعتقد أن العلاقة بيننا بعد انتهاء فترة الحكومة الانتقالية، كانت متميزة بشكل كبير، أنا أحترم السيد رئيس الوزرء كأخ كبير، وموجِّهٍ، ومعلم. هو موسوعة كبيرة في العلم والأدب، والتوجه الصحيح للاخلاق، لقد استفدنا كثيرا من دولة رئيس الوزراء، لذا فالعلاقة بيننا ممتازة، وصادقة، ودائمة، إن شاء الله.
- هل كانت هذه النظرة، هي النظرة نفسها إزاء الدكتور الجعفري، قبل ان يتسنم منصب رئاسة الوزراء؟ الوزير : بالتأكيد، لا. كان هناك نوع من الضبابية في النظرة، ولم اقترب منه مباشرة، وكنا نسمع ما يقال إنه رجل طائفي، وله توجهات ضد استقرار العراق، أوشيء من هذا القبيل، طبعا لم نكن نصدق ما نسمع عنه. مع ذلك لم نكن نعرف الرجل حقا إلا بعد ان اقتربنا منه، فعرفنا أخلاقه العالية، وقلبه الكبير، وحرصه على مصلحة العراق. - استاذ اسامة، كيف كان الدكتور الجعفري يتعامل مع الوزراء، خاصة وزراء الكتل التي اختلفت معه؟ الوزير : والله، انا ذكرت الأمر سابقا، لقد كان يتعامل بشكل ودي جدا، وطيب جدا، وكان متسامحا إلى اقصى الدرجات، ومحبا للجميع، ولا يوجد يوم من الأيام اختلفنا في مجلس الوزراء، أو تناقضت الأفكار معه بشكل حاد، لكن كانت هناك وجهات نظر مختلفة، لكنها ودية، وقائمة على قدر كبير من التفاهم، أنا أعتقد أن هذه الشخصية، شخصية الدكتور ابراهيم الجعفري، انعكست على الآخرين بشكل واضح جدا. - برأيك معالي الوزير، ما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه الدكتور الجعفري في مرحلة ما بعد رئاسة الوزراء؟ الوزير : في المرحلة الحالية طبعا، هو رجل برلمان، ونتيجة لثقله الكبير، والاحترام الكبير الذي يُكَنُّ له، أعتقد أنه من الممكن ان يكون له دور إيجابي في المصالحة الوطنية، وفي مؤتمرات الوفاق التي ستعقد، وفي التقارب بين الطوائف المختلفة، والكتل المختلفة، أعتقد أن الدكتور الجعفري، يحظى باحترام كبير من قبل الجميع، ومن الممكن أن يكون له دور إيجابي في ألفة العراقين، ووحدتهم ؟ أستاذ اسامة، قبل ان نختتم الحديث، أود ان اذكر لك كلمات، ونحب ان تعلق عليها بكلمة واحدة ان امكن ؟ الموصل؟ الوزير : مدينة عظيمة وعريقة. - الصناعة العراقية ؟ الوزير : مُتعَبَةٌ حاليا، ونأمل أن تتطور. - الدكتور الجعفري؟ الوزير: موسوعة علمية، وتاريخية، وصاحب جناب عال. - الشعب العراقي؟ الوزير : شعب أصيل، وسيتجاوز الأزمة، إن شاء الله. - العراق؟ الوزير : كلنا فداء للعراق. في ختام هذا الحوار، نشكر معالي وزير الصناعة في الحكومة الانتقالية الاستاذ اسامة النجيفي، على الاستضافة وسعة الصدر. الوزير: شكرا لكم، واهلا وسهلا بكم.